الكثير من المسئولين يشرقون ويغربون في تعريفهم للسياحة ودورها في تنمية الاقتصاد الوطني، وعند وضع الاستراتيجية يضعون أفضل الخطط التي ابدعتها العقول الغربية لتطوير السياحة، وفي النهاية تكون النتائج معاكسة للاهداف المرجوة ويتدهور القطاع إلى الاسوأ.

ان خطط تطوير السياحة تفشل لا لأنها فاشلة وانما لأنها لا تتناسب مع طبيعة مجتمعاتنا المحافظة التي تنظر الى الامور بمبادئه وقيم نبيلة. والبرامج الناجحة في أوروبا ليس بالضرورة ناجحة في الشرق، والاستراتيجية الشرقية ليست بالضرورة ناجحة في اوروبا لاختلاف المكونات الثقافية والحضارية وغيرها.السياحة مفهوم واسع وفيها الكثير من الابواب ولا يمكن حصرها في جانب، إلا أنه في اعتقادي أن أكثر اقسام السياحة نجاحاً في المجتمع البحريني هي السياحة العائلية، والسياحة الدينية بحكم طبيعة المجتمع البحريني الذي يغلب على كل مفاصله طابع التدين في تركيبته النفسية، فلماذا نشرق ونغرب عن الحقيقة إذا ما اردنا تطوير القطاع السياحي.

يذكرني بالمزارع الافريقي الذي باع مزرعته عندما سمع ان هناك مناجم من الالماس، ليشتري بثمنها المعدات والادوات اللازمة للبحث عن الالماس، وأخذ هذا المزارع يجوب الصحاري والادغال ومن ارض الى ارض إلى أن ضاع عمره في البحث، وبعد عشرين عاماً من البحث سمع ان الرجل الذي اشترى مزرعته اكتشف فيها منجم من الالماس! فسقط المزارع الافريقي مغماً عليه! هذا المزارع لو ابتدأ بالبحث في مزرعته لاكتشف منجم الالماس وفاز به واصبح من أغنى اغنياء العالم، لكنه ذهب بعيداً شرقاً وغرباً فخسر كل ما يملك ومات حسرةً.

العبرة أن في كل مجتمع أو شعب عوامل وعناصر بمثابة منجم الالماس لو تم استغلالها لتفوق على كل الامم والشعوب من حوله. اما نحن فنجهل السياحة العائلية والدينية وهما منجم الالماس الذي نبحث عنه، وهما الأكثر نجاحاً وقبولاً وترحيباً في المجتمع. هل تعلم اخي القارئ ان دخل السعودية من السياحة الدينية من الحج الأكبر خلال شهر ذي الحجة فقط يفوق الناتج المحلي الاجمالي للبحرين. صيحيح انه لا توجد في البحرين تلك المقامات التي توجد في السعودية أو العراق وغيرها من البلدان، لكن لدينا مقامات معروفة على مستوى المنطقة ان لم تكن على نطاق العالم الاسلامي، كما ان آلاف السعوديين يتوافدون الى البحرين في موسم عاشوراء لممارسة الشعائر الدينية