العدد 1245 - الأربعاء 01 فبراير 2006م الموافق 02 محرم 1427هـ

جريمة تفجير الكنائس في العراق

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

عندما زرت اكبر برج في العالم في ماليزيا (توين تاور) في كوالالمبورادهشني البرج فقلت في نفسي: الماليزيون مسلمون ونحن مسلمون والفارق بيننا وبينهم انهم تشبثوا بآية العولمة: «يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم» (الحجرات: 13) ونحن تشبثنا بإلغاء العقل واكراه الناس على افكارنا وبالتركيز على الجزء السفلي من الإنسان فقط. استدبرنا المستقبل واستقبلنا الماضي وسياسة ان لم تكن معي فانت ضدي.

تفخيخ الكنائس في العراق وتفجيرها وترويع الآمنين منها ليس فعلا صحيحا بل هو جريمة ايا يكن فاعلها. فالمسيحيون من حقهم الحصول على الأمن والأمان في بلاد الإسلام وان يمارسوا طقوسهم وعبادتهم في افضل وجه في الخليج او افريقيا كمصر او اية بقعة على وجه الارض.

خطاب تكفير الآخر خطاب لا يخدم المسلمين وآخر ما اوصى به الرسول (ص) في خطبة الوداع عدم تكفير بعضنا بعضا: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض». دعونا نتذكر ما قام به الخليفة عمر بن الخطاب (رض) مع مسيحيي القدس ومدينة القدس وكنيسة القيامة فقد اعطاهم الحرية في ممارسة عبادتهم. ونحن نفتخر في البحرين - حكومة وشعبا - بالحرية المعطاة للمساجد والكنائس في ممارسة العبادات. وهذه دلالة على التحضر والعمق الانساني. دعوا نهر الانسانية يجري لتنبت حقول الحب وزهور التسامح والتعايش.

اقول لشبابنا المسلم: فكروا معي جيدا في آية الرحمة إذ يقول الله مخاطبا رسوله: «وما أرسلناك الا رحمة للعالمين» (الأنبياء: 107). العارفون باللغة العربية يعلمون ان الآية فيها حصر بوجود ما النافية مع الا، بمعنى ان الرسول فقط ارسل للرحمة. دققوا في الآية: الرحمة ليست فقط للمسلمين بل العالمين اذ قال: و ما ارسلناك الا رحمة للعالمين. أي لكل الأديان. هذه هي جغرافية السلام الإسلامي. دعونا نعمّق نهر الوحدة بين الشعوب والأديان. لا نريد مؤسسات فقط لحفظة القرآن تعمل على التحفيظ. نريد أيضا مراكز تقوم على التدبر والتفكر في القران. آيات القرآن تركز على العقل على التوازن على الوسطية: «وكذلك جعلناكم امة وسطا» (البقرة: 143)، ولم يقل امة متشددة أو مكفرة أو مفجرة أو محاربة او متطرفة. بل الآية الأخرى تخاطب الرسول قائلة: «وما جعلناك عليهم حفيظا وما انت عليهم بوكيل» (الأنعام: 107)، وفي اخرى «لا اكراه في الدين» و«فأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» (يونس: 99).

كما يقول الشيخ محمد الغزالي: الرسول رسول المساواة والحرية والعدالة. يجب ألا نجمد القرآن في التاريخ فهو صالح لكل زمان يحثنا على احترام الأديان والدعوة بالحكمة ويقول الرسول: «لا تبغضوا الله الى عباده ولا تكونوا منفرين». فلنعط للإسلام صورة حضارية مفرداتها: العقل والجمال والابداع والسلام والوسطية. ماليزيا ليست بدعة في التاريخ وهم متمسكون بإسلامهم.

اين هي قواعدنا الاصولية التي اخذناها من الاحاديث؟ قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» وقاعدة: «تقديم المصالح على المفاسد»؟ يجب أن نقف امام أي مثقف ديني أو (عالم دين) يعمل على تقسيم المجتمع ويعمل على نشر فيروسات الفتن الطائفية أو الشوفينية. يجب أن نعترض على سلوكيات التوثين والقداسة والتأليه التي تسبغ على كلام أي عالم دين أو مثقف أو كاتب واخذ كلامه على انه من المسلمات.ان عدم النقد الموضوعي لاي سلطة، لأي معارضة لأي مؤسسة يساعد على توثينها وافسادها.

ان سياسة تأجير العقول لوضعها في ثلاجات بشرية حزبية يؤدي الى تعفنها. كلنا بشر ونخطئ في التقييم والتنظير وخصوصا في عالم الافكار والسياسة. لا قطعيات في السياسة وعالم الاجتماع. نعم لابد ان نسجل - في العالم العربي - اعتراضا على توثين البشر ولو كان هذا الذي تم توثينه عالم دين أو عالم سياسة أو عالم اجتماع، وان نرفض ادخالهم في نطاق الخرافة فنرسم (للبطل) صورة خرافية ليست موجودة حتى في قصص ألف ليلة وليلة. يجب ان نعقد محاكمة ناقدة معرفية لافكار اي انسان في هذا العالم الذي نعيشه.

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1245 - الأربعاء 01 فبراير 2006م الموافق 02 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً