العدد 1239 - الخميس 26 يناير 2006م الموافق 26 ذي الحجة 1426هـ

من يعلّم السياسيين الطائفيين معنى لبنان الوطن؟

«أم عرب»... فستان لكل «حفلة زعل»،

حسن أحمد عبدالله comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«كلما حبت تشتري فستان بتعمل مشكلة بالبيت وبتروح لعند أهلها ولاني قلبي طيب وبحبها بشتري الفستان وهي بتوعدني انها آخر مرة بتترك فيها البيت. .. صار لنا يا مختار 15 سنة متزوجين وصارت زعلانة اكثر من مئة مرة. بتحب تعرف عدد المرات اللي زعلت فيها... روح عد الفساتين الموجودين بالخزانة في البيت»،بهذه الكلمات لخص أبوعرب مشكلته مع أم عرب، التي أحبها أكثر من سبع سنوات ودفع فيها مهراً غالياً (بقرتان وخروف وخمس دجاجات ومئة ليرة،) ويضيف أبوعرب «المئة ليرة كانت تهز هز... ياعمي واحد عنده مئة ليرة هذا زلمي (بالقاموس الزلمي هو الرجال البعيد الذي لا تستطيع معرفة ملامحه) غني ومقتدر وكلمته مسموعة». طبعاً أبو عرب يتكلم عن الخمسينات عندما كانت الاحوال الاقتصادية لاتزال تحت تأثير رواسب الحرب العالمية الثانية. أم عرب في السياسة اللبنانية الراهنة موجودة بين غالبية رجال السياسة، وهي الأكثر حضوراً الآن في المرحلة الحرجة التي يمر فيها لبنان والتي تكاد تعيد البلاد الى اجواء المرحلة التي سبقت الحرب اللبنانية (1975 ­ 1991) في وقت يعاني فيه الاقتصاد اللبناني من أزمة خانقة لم يسبق أن شهدها حتى في أحلك سنوات الحرب. والقضية الأهم المطروحة الآن في الشارع اللبناني هي مسألة سلاح المقاومة ولبنانية مزارع شبعا، وهذه الاخيرة تكاد تكون الدليل على مدى انسياق عدد من السياسيين اللبنانيين خلف الأفكار الآتية من الخارج من دون إدراك المرامي التي يمكن أن تصل إليها. أي أن المهم «فستان جديد» وبعدها ننظر في الامور الاخرى، أي على مبدأ المعارضة «خذ وطالب». يطلب بعض اللبنانيين من سورية اثبات لبنانية مزارع شبعا، وهذا الامر في حد ذاته يعني في بعض مضامينه التشكيك بالسيادة اللبنانية كلها لأن الحدود اللبنانية ­ السورية ليست مرسمة حتى الآن، الآتي يمكن ان تقول سورية ان الحدود السورية تصل الى مدينة طرابلس شمالاً وبيروت وسطا وصور جنوباً. أي أن لبنان برمته في مهب السؤال بشأن سيادته، وفي العالم العربي الحدود غير المرسمة ألغام صالحة للانفجار في أي وقت، فكيف اذا كانت في بلد مثل لبنان سيادته مستباحة دائمة من قبل «إسرائيل»، والمسكوت عنها تاريخياً من قبل نسبة لا بأس بها من السياسيين اللبنانيين الذين يقفون دائماً في المقلب الآخر من الانتماء الوطني ويفصلون السيادة على مقاس المقاعد الانتخابية والمصالح الشخصية. وهذا لا يعني أن تستبيح سورية السيادة اللبنانية، لكن لابد من أخذ السيادة برمتها. مزارع شبعا لبنانية باعتراف الامم المتحدة التي الآن تراجعت عن هذا الاعتراف وذهبت إلى حد سلخ المزارع عن لبنان وإلحاقها بسورية واعتراف الامم المتحدة بلبنانية المزارع يعود الى العام .1988 وبهذا السياق نعود الى صحيفة «السفير» اللبنانية التي نشرت في عددها الصادر يوم الخميس 24 مايو/ أيار 2001 «أول استجابة رسمية لنداءات الاهالي (أهالي مزارع شبعا) المتكررة بشأن ما يجري من تغيير لمعالم مزارعهم، جاءت من قبل الرئيس سليم الحص بصفته رئيساً للحكومة، وزيراً للخارجية في ذاك الوقت، إذ تسلم مذكرة رسمية من «هيئة ابناء العرقوب»، وبادر فوراً إلى رفعها إلى مندوب لبنان الدائم في الامم المتحدة آنذاك السفير رشيد فاخوري من أجل تقديمها إلى الامانة العامة للامم المتحدة كوثيقة رسمية تبرز أهداف «إسرائيل» الاستيطانية في جنوب لبنان، وتطالب الامم المتحدة بالتحرك السريع لاجلاء 3 آلاف مستوطن من «الفالاشا» من مزارع شبعا واعادتها الى السيادة اللبنانية». مبدأ السيادة وحدة واحدة غير قابلة للانقسام، وبالآتي مطالبة سورية باحترام السيادة اللبنانية تقابلها مطالبة باحترام «إسرائيل» للسيادة اللبنانية وليس الأمر بالعودة الى شعار «مالنا لنا وما لكم لنا ولكم» هذا الشعار الذي استشهد فيه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من خلال مطالبته بعزل المقاومة ونزع سلاحها عبر مطالبته باعتراف سورية بلبنانية مزارع شبعا، والذي رد عليه الرئيس السوري بشار الأسد بالقول: «إن مطلب ترسيم الحدود بين لبنان وسورية هو مطلب إسرائيلي» وبهذا القول أعلن الأسد صراحة ان اعتراف سورية بالسيادة اللبنانية لن يكون كاملا وبالتالي سيبقى هذا عامل شك دائم في العلاقات اللبنانية ­ السورية، في المقابل اخطأ جنبلاط في مطالبته هذه لأن الاقتناع بالسيادة الوطنية لا يحتاج إلى الطلب من الدول الأخرى الاعتراف به انما هو ينزع انتزاعاً شاء من شاء وأبى من أبى.

رداً على جنبلاط

في حديث وليد جنبلاط الأخير لـ «تلفزيون المستقبل» قال: «الآن مزارع شبعا وغدا يقولون لنا القرى السبع». إذا كان الدستور مرجعية زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي فعليه العودة الى مساحة لبنان في الدستور(10452) وفي كتب الجغرافيا التي تدرس في المدارس اللبنانية، وإلى موضوع التوطين في الدستور، وبعد ذلك النظر في حقيقة أبناء القرى السبع الذين استشهد منهم العشرات أثناء الحرب اللبنانية تحت راية الحزب التقدمي الاشتراكي، فكيف كان هؤلاء آنذاك من اللبنانيين وكيف أصبحوا الآن غير لبنانيين؟ «أم عرب» لم تغير عادتها حتى بعد أن أصبحت في أرذل العمر، ولكن بدلاً من الذهاب إلى بيت أهلها صارت حين تزعل تذهب الى بيت أحد أولادها الذي يتكفل هو بشراء الفستان من أجل عودتها الى البيت، والسؤال من في لبنان يستطيع أن يعلم الطاقم السياسي معنى السيادة بالشكل الصحيح وليس معنى السيادة من منظور طائفي ومناطقي وانتخابي؟ الله يرحم «أم عرب» كانت قضيتها فستان أما نحن في لبنان فقضيتنا الاتفاق على الوطن وهذه من أصعب القضايا التي تواجهها الشعوب. * كاتب لبناني مقيم في الكوي

العدد 1239 - الخميس 26 يناير 2006م الموافق 26 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً