قلما تذهب إلى مكان في البحرين لا تسمع فيه المواطنين يتحدثون عن محدودية الأراضي أو ارتفاع اسعارها في الوقت الذي أصبح فيه اقتناء أرض أحد المستحيلات للمواطن متوسط الدخل بعد أن قفزت أسعار العقارات بصورة جنونية أضعاف المرات لتصل قطعة الأرض المناسبة في المتوسط إلى نحو 35 ألف دينار. وقد يشعر بعض المواطنين بالضيم عندما يرون هكتارات من الأراضي فارغة بل هي صحراء مجدبة قد تكون مناسبة لهم لإقامة منزل يضمهم مع أفراد أسرتهم. وهذه الأراضي والمساحات الفارغة قد تولد قناعة للزائر للبحرين بأن الحديث عن ندرة الأراضي قد يكون ضرباً من المبالغة أو محض ادعاء ولكن عن التريث قليلاً نرى أن الكثيرين خصوصاً ممن يمتلكون الثروة حجزوا مساحات شاسعة في المملكة من دون أن تستغل بالصورة المناسبة أو تؤدي وظيفتها المطلوبة وذلك بغرض المضاربة بأسعارها أو الاحتفاظ بها من أجل أبنائهم في المستقبل ما يخلق أزمة حقيقية في الأراضي وترفع من كلفة المشروعات الاستثمارية وبالتالي تؤدي بطريقة ما إلى غلاء في المعيشة. حبس الأراضي بغرض المضاربة لن يخدم بأي حال من الأحوال الاقتصاد الوطني للمملكة ولا حتى الشعب البحريني في شيء. لماذا إذن لا تصاغ قوانين تقف حيال التملك الفردي القسري الذي يضر بمصلحة الجماعة وبشريحة واسعة هم متضررون فعلاً وبشكل كبير من حجز الأراضي. وتزيد مشكلة حبس الأراضي الرقع القاحلة في المملكة ويشوه منظرها العمراني وطابعها المدني لتتحول بعض مناطقها كتلك القرى الصحراوية التي لم تنل قسطاً وافراً من التحضر والمدنية. إن كانت المضاربات في الأراضي وحجزها لسنين طويلة هي حرية فردية في التملك فإنها حرية قد تكون جائرة على حريات الآخرين في الحصول على حقهم الطبيعي من الأرض التي يبنون عليها مساكن لهم ومشروعات من دون أن يدفعوا مبالغ ظالمة وغير مبررة جاءت بفعل حيازة مجموعة عليها وعدم تحريكها ليتملكها الآخرون بأسعار معتدلة. إذن متى يمكن أن ينتظر المواطن أن تفرمل عجلة الأسعار التي تدور بالأراضي والعقارات باستمرار وسط غياب قوانين تردع المضاربات وارتفاع الأسعار واحتكار الأراضي لتضر بالنفع العام للمواطنين، والجواب هو أن التحرك في صوغ قوانين، كما تفعل الدول المجاورة مثل عمان التي عالجت موضوع حرية التملك للخليجين بمواد قانونية تمنع المضاربة وإعطاء المشتري مدة زمنية لبناء أو استغلال الأرض وإلا التخلي عنها مع الاحتفاظ بحق التعويض، قد نحتاج في البحرين مثل هذه القوانين ولكن ما هو رأي الآخرين
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1238 - الأربعاء 25 يناير 2006م الموافق 25 ذي الحجة 1426هـ