الوطن الإسلامي الكبير وشطره العربي، خصوصاً، تسوده موجة قاسية وقاتمة من الظلم والتخلف والأمراض السياسية والثقافية والاجتماعية، ونزعات التعصب الطائفي والعرقي المقيتة، وتطغى عليه مشكلات وصراعات متعددة في مختلف ميادينه ومجالاته بما في ذلك ميدان الثقافة والفنون، وتبرز صورها المؤسفة في التضييق على حرية الفكر والنشر ومحاصرة الثقافة ومصادرة الرأي الآخر، وشن الحملات العدائية المشحونة بالكراهية والحقد الطائفي.
خطير هو الكتاب الذي اصدرته الجماعة الإسلامية في مصر بعنوان : (الحاكمية... نظرة شرعية ورؤية واقعية)!! خطورته تكمن في الإنقلاب على أفكار ومبادئ مدرسة توسعت وتوسعت وانتشرت واصبح طلابها ومريدوها لا يعدون ولا يحصون... ثم فجأة... تسقط كل تلك المبادئ!؟ ويتراجع عنها من يتراجع بعد مراجعات دقيقة اصطدمت بحقائق ومعطيات لا يمكن القفز عليها... على رأسها التكفير... بل هو الرأس!
كثيراً - وفي غالب الأحيان - استغل الطائفيون المتعصبون ومعهم أولياء نعمهم من المستبدين، أرباب الرأي الواحد والنفوذ والمال، الثقافات الحرة النيرة ومجالات العلوم والفنون الرائدة لصالح أفكارهم ونزعاتهم ومشروعاتهم المشبوهة، منتزعين من تلك الجوانب وأنشطة الإبداع الفني طابعها وعطاءها الإنساني، والأهداف التي يمكن أن تخدم أمم وشعوب المعمورة على اختلاف دياناتها وطوائفها وانتساباتها العرقية، وشواهد التاريخ والعصر الحديث خصوصاً، تحفل بالكثير من تلك الظواهر والممارسات الشاذة البغيضة، والتي يعج العالم بجملة كبيرة من صورها المؤلمة ونماذجها وشرور صانعيها.
التآمر الثقافي والإفرازات الكارثية والنتائج والانعكاسات السلبية الوخيمة المتمخضة عنه تكاد تكون أشد خطراً على استقرار وأمن الشعوب ووحدة الأوطان، وذلك لما تتسبب به من خلق وإشاعة التفرقة والعداء والتناحر والتمزق، بل والاحتراب لحد التقاتل المميت بين أبناء الشعب أو الأمة الواحدة.
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1217 - الأربعاء 04 يناير 2006م الموافق 04 ذي الحجة 1426هـ