عند الحديث عن الأسباب الوفيرة للبطالة في البحرين، يمكننا أن نلاحظ أولاً أن الكثير من الأنشطة الرئيسية التي تمت تنميتها خارج اطار النفط خلال العقود الثلاثة الماضية في البلاد لم تولد قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد الوطني وخصوصاً على صعيد العمالة. وهنا نكتفي بالإشارة إلى واقع قطاع مصارف الاوفشور، إذ لايزال يتسم بهيمنة العمالة الأجنبية، وخصوصاً في الوظائف العليا، كما أنه اتسم بعدم الاستقرار خلال السنوات الأخيرة. كذلك الحال بالنسبة إلى قطاع الفنادق الذي لايزال يعاني غياب الرؤية الواضحة لمستقبله وتدني مستويات الاجور وانخفاض نسبة البحرنة. اما بالنسبة إلى قطاع الملابس، فيكفي ان نشير إلى ان اجمالي صادرات هذا القطاع بلغت 89 مليون دينار لا يستفيد منها الاقتصاد المحلي اية استفادة حقيقية سواء 4 في المئة فقط تذهب على هيئة أجور لعمال جلهم غير بحرينيين، اضافة إلى الصرف على بعض الخدمات والمرافق المحلية. ومع ذلك فقد شهد هذا القطاع خلال هذا العام تدهورا كبيرا بعد إغلاق عدد من مصانع الملابس نظراً إلى انهاء نظام الحصص، وبالتالي فقدان الآلاف لوظائفهم. وثانيا، أن مخرجات التعليم لاتزال قاصرة عن مواكبة احتياجات أسواق العمل من حيث النوع والتخصص والكفاءة، كما أن هناك نقصاً واضحاً في معاهد التدريب المهني والفني والتكنولوجي، ناهيك عن المعاهد التي تعنى بتخصصات الاقتصاد الجديد القائم على العلم والمعرفة. وقد كشفت ورشة التعليم التي نظمها مجلس التنمية بالتعاون مع وزارة التربية أخيراً عن الكثير من الثغرات والنواقص الهيكلية في نظام التعليم. ومن الأسباب المهمة الأخرى في تفشي البطالة هو عدم تمكن القطاع الخاص من أخد دوره كاملا بعد ليس في عملية توظيف العمالة الوطنية فحسب، بل وفي توظيف أمواله في الاقتصاد الوطني الذي يؤدي بدوره إلى خلق فرص العمل الجديدة أمام المواطنين. وتشير الاحصاءات إلى أن نسبة مساهمة الاستثمارات الخاصة في الناتج المحلي لا تتجاوز 10 في المائة كمعدل طوال العقد الماضي، وهذا يعني تدني معدلات التوظيف، وبالتالي القدرة على توليد وظائف جديدة. واذا كانت التهم الموجهة إلى دور القطاع الخاص في البحرين كثيرة، فإن لهذا القطاع مطالبه المشروعة أيضاً، وخصوصاً إزاء تخبط وعدم وضوح السياسيات والتشريعات الحكومية الخاصة بالاستثمار والتنمية الطويلة الأجل، علاوة على الفساد والمحسوبية والاتاوات. كما يشتكي القطاع الخاص أيضاً من تدني مستوى إنتاجية العامل المحلي، إلا أننا نقول إن ضعف الرواتب هو السبب، ويجب ان يبدأ العلاج منه. ومثلما على بعض مؤسسات القطاع الخاص ان تجري إعادة حسابات لكشف الدخل لمنشآته يتنازل معها عن هامش الربح المرتفع الذي ظل يحققه طوال سنوات كثيرة على حساب انخفاض فاتورة الرواتب للعمالة الأجنبية، فإن على الدولة أن تبادر لإشراك القطاع الخاص في اتخاذ القرارات ورسم برامج التنمية وتنفيذها بشكل فاعل حقيقي
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1209 - الثلثاء 27 ديسمبر 2005م الموافق 26 ذي القعدة 1426هـ