كما وصف حازم صاغية في صحيفة «الحياة» اللندنية اللبنانيين بأنهم «حائرون»، فبين البقاء تحت سلسلة الاغتيالات السياسية إن بقى النظام السوري، أو أن يكون خيارهم القبول بالكثير من «الزرقاويين» إن سقط ذلك النظام العبثي. شاءت وزارة الإعلام البحرينية أن تضع الصحافيين البحرينيين في الموقف نفسه، فبين أن تكتب ما يريد البعض في الصحافة المحلية، أو أن تحرم من الحرية في أن تكون مراسلاً في أية صحيفة عربية، المعادلة واضحة، إما أن نكتب ما يلائم «مزاج» من يتحكمون بالإعلام الرسمي، أو أن يفقد أي صحافي بحريني «حقه» في أن يكون مراسلاً لأي وكالة أو صحيفة أجنبية، ثمة تسريبات مؤكدة أن وزارة الإعلام تضع «أجندة خاصة» من الأسماء الصحافية للوكالات الأجنبية والصحف العربية والمواقع الإلكترونية الإخبارية في حال رغبت في الحصول على مراسل بحريني، وأنه لابد أن يتم الاختيار لاسم واحد من هذه القائمة فقط، فهؤلاء هم الصحافيون البحرينيون، أما البقية فهم «أشباه صحافيين»، في إحدى المرات، مارست وزارة الإعلام «ضغطاً» على إحدى الصحف العربية الصادرة من لندن في سبيل أن تقوم بتغيير مراسلها في البحرين، والسبب كما ذكر الزميل (الضحية) الذي مارست عليه الوزارة هذه الألاعيب هي «هويته»، فلدينا ولله الحمد، إعلام «طائفي» نشط هذه الأيام. الأجندة طبعاً «مسيّسة»، وأحياناً «طائفية»، ولذلك فان الكثير من هذه الوكالات والصحف العربية اتجهت نحو تحرير أخبارها عن البحرين بأيد غير بحرينية، فالمراسلون الذين «فرضتهم» وزارة الإعلام على هذه الوكالات هم من شاكلة محرّري الأخبار «الستينية والسبعينية: استقبل وودّع»، والصحافة المحترفة تجاوزت هذه العناوين منذ أمد بعيد. جمعية الصحافيين ونقابتهم في طي النسيان، فعلى رغم تعرض الكثير من الصحافيين البحرينيين إلى الإقصاء من قبل وزارة الإعلام في حرية اختيارهم وعملهم كمراسلين لصحف أجنبية، فإن أياً من المؤسستين لم تبادر إلى اتخاذ موقف واضح بالوقوف مع من تدعيان تمثيلهم والدفاع عنهم. الكثير من الزملاء الصحافيين وجهت لهم أوامر بالتوقف عن مراسلة الوكالات، بحجة أنهم ليسوا «مرخصين»، والمشكلة أن وزارة الإعلام هي من ترخّص لمزاولة هذه المهنة وبإرادتها انتقائيتها الخاصة، وليس لأحد أن يعترض، ولا تكفي طبعاً عضوية الصحافي في «جمعية الصحافيين» أو «نقابتهم»، فشروط العضوية على ما يبدو «سرية» و«سياسية» بالدرجة الأولى، فإذا اختارت وكالة إخبارية ما، أو صحيفة عربية ما، أي مراسل «بحريني» تجد فيه المواصفات و«الخط التحريري» الذي يلاءم طبيعة سياستها الإخبارية والتحريرية، فإنها لا تمتلك الحق في اعتماده مراسلاً حتى مع كونه عضواً في «جمعية الصحافيين البحرينية». وإذا ما أضفنا تمنع وزارة الإعلام في تسهيل حصول هؤلاء الصحافيين على الترخيص المزعوم، فإن الأمور تتضح أكثر، بأن القضية «سياسية» أكثر منها «تنظيمية» أو «إعلامية مهنية». وهذا ما يجعلنا نتنبأ أن من قاموا بمحاربة بعض المراسلين البحرينيين، سيحاولون في القريب العاجل أن يقننوا أيضاً الاتصالات التي ترد للصحافيين والإعلاميين البحرينيين من بعض القنوات الفضائية، بداعي أنهم ليسوا ضمن اللائحة، وقد تصلنا رسائل رسمية «لا تجيبوا على الاتصالات الواردة من القنوات الفضائية» لأنكم لستم في اللائحة، ومن هنا جاء عنوان المقال دعاءً خالصاً للزملاء: «اللهم اجعلنا... في اللائحة!»
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1209 - الثلثاء 27 ديسمبر 2005م الموافق 26 ذي القعدة 1426هـ