ابتداء يجب الاعتراف بأن الاتفاقات الدولية أعطت الحق للهيئات الدولية المشرفة على تنفيذ نزع الأسلحة في امكان استجواب العلماء الذين كانت لهم اسهاماتهم في صنع الأسلحة المتفق على نزعها. والمثال البارز في هذا جنوب افريقيا، فعندما تم نزع اسلحة الدمار الشامل في هذه الدولة في مطلع التسعينات من القرن الماضي تم استجواب علمائها في المجالات النووية والبيولوجية والكيماوية، كما ان اتفاق الحد من الصواريخ المتوسطة في اوروبا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق اعطى الحق للجانبين في استجواب علماء الآخر فيما يخص هذا الميدان، وتم تنفيذ ذلك فعلا.
اما فيما يتعلق بالعراق، فالمعلوم ان القرار الدولي 687 الصادر من مجلس الامن في 4 ابريل/نيسان 1991 قد اعطى الحق للجنة الخاصة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في استجواب من تراه مفيدا لاغراض تحقيق هدف نزع اسلحة الدمار الشامل في العراق. ولقد مارست الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الحق منذ العام 1991. وقابلت طيفا واسعا من العلماء العراقيين، ابتداء من رئيس هيئة الطاقة الذرية العراقية آنذاك (وزير التعليم العالي حاليا) همام عبدالخالق عبدالغفور ومدير مشروع بتروكيماويات - 3 مشروع التسلح النووي آنذاك (المستشار حاليا في ديوان الرئاسة العراقي) ضياء جعفر ضياء، وصولا إلى حملة شهادات الدكتوراه والماجستير في المجاميع المختلفة ضمن البرنامج النووي العراقي.
اما اللجنة الخاصة فقد بدأت في ممارسة هذا الحق ابتداء من منتصف العام 1992، الا ان ما يسترعي الاهتمام والتوقف هو ان اول الاشخاص الذين تم استجوابهم كان قائد قوة صواريخ الحسين اللواء الركن حازم عبدالرزاق شهاب، الذي قام بقصف اسرائيل بـ 43 صاروخا خلال حرب الخليج الثانية. واستمرت المقابلة التي عقدت في قاعة اجتماعات فندق الشيراتون في بغداد - حيث كانت اللجنة الخاصة تقيم مقرها - اكثر من 5 جلسات تراوحت كل واحدة منها بين 3-6 ساعات متواصلة، وقامت اللجنة بتسجيل المقابلة صوتيا وفيديويا. وفي العام 1993 بدأت وتيرة مقابلات العلماء العراقيين في مجالي الصواريخ والكيماوي بالتسارع، وتميزت بلقاء القياديين في هذين المجالين. ما تجدر الاشارة اليه في هذا الصدد ان اللجنة الخاصة اجرت مقابلات مع جميع ضباط قوة الحسين ابتداء من رتبة ملازم وصولا إلى الجنرالات... وقد جرت هذه المقابلات في مواقع الاطلاق في صحراء العراق الغربية، وقد شرح هؤلاء الضباط ميدانيا الكيفية التي تم بها اطلاق الصواريخ على اسرائيل، والغريب في الامر ان اللجنة الخاصة لم تطلب مقابلة الضباط الذين اطلقوا الصواريخ على القوات الاميركية في الخليج.
وبالطبع ركزت اللجنة الخاصة على استجواب الاختصاصيين في المجال البيولوجي، إذ التقت بجميع الكادر الذي عمل في هذا البرنامج ابتداء من مديرة البرنامج رحاب رشيد وانتهاء بالفنيين الذين قاموا بإملاء القنابل الجوية ورؤوس الصواريخ بالعوامل البيولوجية... وتم الاستفسار منهم بشكل مكثف ودقيق عن كافة مراحل البرنامج البيولوجي... وكما حدث فيما يتعلق بالبرنامج الاخرى فقد تم دعم الاقوال بمئات الآلاف من الوثائق العراقية التي جرى تسليم نسخها الاصلية للجنة الخاصة. وخلال الاعوام 1995 - 1998 التي روجت فيها اللجنة الخاصة لنظرية الاخفاء الشهيرة، قابلت اللجنة طيفا واسعا من الضباط بمن فيهم ضباط من الحرس الجمهوري والحرس الخاص والعلماء والمهندسون والفنيون وصولا إلى المستوى الفني البسيط الذي يقوم بتشغيل آلة المخرطة في المعامل العراقية، وبلغت ساعات المقابلات عشرات الساعات التي جرت ليلا ونهارا، وكان اغربها مقابلة استمرت بلا توقف من الساعة التاسعة صباحا حتى الخامسة من فجر اليوم التالي. والواضح من العرض السابق لعمليات استجواب العلماء العراقيين خلال الفترة من العام 1991 حتى اليوم 14 ديسمبر/كانون الأول 1998، انها غطت جميع المعنيين بأسلحة العراق المحظورة وبالتالي فانها استوفت جميع المعلومات عن برامج التسلح العراقي في المجالات المذكورة... وانها سارت وفق توجيهات اسرائيل اكثر من تبعيتها إلى التوجيهات الاميركية... ومن الطبيعي في ضوء المعلومات الآنفة الذكر ان يتوقف المراقب المحايد امام سؤال محدد: لماذا تصر اميركا حاليا على خطف العلماء العراقيين، وصارت تغريهم بشتى الوسائل؟
في اعتقادي ان الاجابة على هذا السؤال تتحمل شقين، الاول هو اسرائيلي، والثاني هو اميركي. اما الشق الاسرائيلي منه فهو الرؤية الاسرائيلية للصراع مع العرب الذي ترى فيه تل ابيب... انه صراع كلي وشامل مع العرب بأسرهم وليس مع الفلسطينيين وحدهم... وتاليا هو صراع غير قابل للتوفيق او التسوية، وانما هو صراع قومي محوره ان الطرف الرابح فيه هو من يقصي الطرف الخاسر عن الأرض التي تزعم اسرائيل انها ارضها الكبرى. ولان طبيعة الصراع كذلك فهو من النوع التاريخي أي صراع يمتد لاجيال، وأدواته الرئيسية جوهرها ينبع من الارادة والتقدم العلمي... ويقينا ان اسرائيل يعنيها اضعاف مقدرات العرب، واذا كانت العقوبات ونزع الاسلحة العراقية قد اضعف من القدرات العربية، فهي في الوقت نفسه قد حفزت نزعة الاعتماد على الذات لدى العراقيين وصرفت جهد العلماء العراقيين نحو التقدم العلمي والتقني في ميدانه المدني الامر الذي لا يروق لاسرائيل، ولذلك فان الاصرار الاميركي على افراغ العراق من علمائه وعقول مبدعيه وكوادره الفنية انما هو مصلحة اسرائيلية يسعى صقور الادارة الاميركية إلى تحقيقها.
اما الشق الاميركي، فنحن نعلم ان الرئيس الاميركي بوش الابن في اصراره على شن الحرب على العراق يبدو كعناد طفل مدلل لا يرفع يده عن لعبته، مع ان كل الذرائع التي روج لها لتبرير هذه الحرب بدت مفندة فمحاولات اتهام العراق باقامة صلات من نوع ما مع القاعدة باءت بالفشل. وزعم الاميركيين بأن ضابط مخابرات عراقيا التقى بمندوب القاعدة في مكان ما في شرقي اوروبا تبين انه كذب، والصخب الاعلامي العالي بدعوى ان العراق يواصل جهوده لبناء السلاح النووي بمساعدة انابيب المنيوم عجيبة؟ تبين انها لم تكن سوي فقاعة سرعان ما تلاشت بعد ان ادلى الخبراء النوويون الذين سئلوا عن الموضوع كلهم، بانه لا أساس من الصحة لذلك، ومفتشو الامم المتحدة الذين عادوا إلى العراق باتت تريد منهم اميركا ان يكونوا اداتها للحرب عليه، واذا كانت الذريعة ضعيفة وغير متوافرة، فمحاولة الحصول عليها عبر استجواب العلماء ليس هدفه فحسب محاولة الحصول على ذريعة الحرب، لان الذريعة يمكن اختلاقها، ولا يهم ان تكون مقنعة ام لا، ما دامت ليس هناك دولة قادرة على الوقوف بوجه القوة العظمى الوحيدة... ولذلك فالهدف الاميركي حسب المعلومات يدور حول ما تتضمنه قائمة العلماء الذين سيتم استجوابهم من خبراء في الاتصالات الرئاسية العراقية للحصول على اساليب تغيير شفرة الاتصالات لحصر اماكن وجود القيادة العراقية، وعلى الارجح ان الحرب قد تؤجل حتى الانتهاء من ذلك كله، لان مفهوم الحرب الخفيفة التي يريدها رامسفيلد ونائبه وولفوفيتز، تعني الاستخدام الذكي للأسلحة الاميركية ليس بالقدر الذي يقدمه الجانب التقني، وانما بالشكل الذي يوفره الجانب الاستخباري لكي يقصف الهدف الواحد بصاروخ واحد فقط ويحقق النتيجة الحتمية المطلوبة، وواشنطن تريد من خلال الاستجوابات الحصول على معلومات استخبارية بشأن المواقع التي يمكن ان تحدث شللا استراتيجيا اذا ما هوجمت في بداية الحرب وبما يحقق اهدافها
العدد 120 - الجمعة 03 يناير 2003م الموافق 29 شوال 1423هـ
MONTDHER ALIRAQI
انشاء الله عراقنا العظيم يعود ويستعيد عافيتة ونرجع بناء العراق واعمارة ونستعيد عظمتة ويرجعون كل اهلنة بالخارج كل فئاتهم دكاترة مهندسين علماء طلبة وكل مبدعين وعباقرة عراقنا العظيم ويرجع العراق لاهلة وتحقق حكومة العراق السعادة لجميع ابناء الشعب العراقي سنة وشيعة ومسيح ويهود وتركمان وصابئة والاكراد الساقطين العنصرنيين القذرين النسوان الخونة لئن الشعب العراقي يستحق ان يكون اسعد شعب على وجه الارض