يُشار إلى الإعاقة اصطلاحاً بأنّها حال تحدُّ من قدرة الفرد على القيام بوظيفة واحدة أو أكثر من الوظائف التي تعتبر أساسية في الحياة اليومية، كالعناية بالذات أو ممارسة العلاقات الاجتماعية والنشاطات الاقتصادية ضمن الحدود التي تعتبر طبيعية. أو هي عدم تمكن المرء من الحصول على الاكتفاء الذاتي وجعله في حاجة مستمرة إلى معونة الآخرين لتُساعده في التغلب على إعاقته. أما من الناحية اللغوية فتقول المعاجم إن «عاقَه، يعُوقَه، إعاقةً عن كذا»، أي صرفه وثبطّه وأخرّه عنه. و«العائق» كل ما أعاقك وشغلك، والعائقة كل ما يُعوق عن العمل أو المهمة، وجمعها عوائق.
تعريف «الإعاقة»
تُعرّف «الإعاقة» بفَلىكفِ بأنّها إصابة نفسية أو عقلية أو بدنية، تُسبب ضرراً لنمو الإنسان وتطورّه البدني والعقلي أو كلاهما، تترك أثراً على حاله النفسية والتعليمية والتدريبية. وإذا ما قُورنت الوظائف البدنية والعقلية للإنسان «المعوق»، فإنّها تكون أقل من أقرانه في المرحلة العُمرية نفسها، وقد تكون الإعاقة واحدة أو عدة إعاقات لدى الشخص نفسه. وقد تُسبب عجزاً جزئياً أو كاملاً، كما أنّها قد تكون أولية منذ الولادة أو ثانوية لأسباب عارضة أخرى، مثل الالتهاب السحائي أو الحوادث المختلفة مثل حوادث السيارات وغيرها. ويُعرَّف «المعوق» بأنّه الشخص الذي يختلف عن المستوى الشائع في المجتمع في صفة أو قدرة شخصية سواء كانت ظاهرة، كالشّلل وبتر الأطراف وكف البصر، أو غير ظاهرة مثل التخلف العقلي والصمّم والإعاقات السلوكية والعاطفية بحيث يستوجب تعديلاً في المتطلبات التعليمية والتربوية والحياتية، بشكل يتفق مع قدرات وإمكانات الشخص المعوق مهما كانت محدودة حتى يمكن تنمية تلك القدرات إلى أقصى حد ممكن.
أنواع الإعاقات
* الإعاقة الحركية: وهي ناتجة عن خللّ وظيفي في الأعصاب أو العضلات أو العظام والمفاصل، وتؤدي إلى فقدان القدرة الحركية للجسم نتيجة البتر، إصابات العمود الفقري، ضمور العضلات، وارتخاء العضلات وموتها. * الإعاقة الحسية: ناتجة عن إصابة الأعصاب الرأسية للأعضاء الحسية، العين، الأذن، اللسان، وتنتج عنها إعاقة حسية: بصرية أو سمعية أو نطقية. * الإعاقة الذهنية: ناتجة عن خلل في الوظائف العليا للدماغ كالتركيز والعد والذاكرة والاتصال بالآخرين، وتنتج عنها إعاقات تعليمية أو صعوبة تعلم أو خلل في التصرفات والسلوك العام للشخص. * الإعاقة العقلية: ناتجة عن أمراض نفسية أو وراثية، أو شلل دماغي نتيجة نقص الأوكسجين أو نتيجة أمراض جينية، أو كل ما يعوق العقل عن القيام بوظائفه المعروفة. * الإعاقة المزدوجة: وهي وجود إعاقتين للشخص الواحد. * الإعاقة المركبة: وهي مجموعة من الإعاقات المختلفة لدى الشخص الواحد. إحصاءات عالمية هناك احصاءات مختلفة باختلاف الأسباب المؤدية للإعاقة ونوع الإعاقة من دولة إلى أخرى، فقد تكون الإعاقة جسمية مثل شلل الأطفال أو حسية مثل الصمّ والبكم والمكفوفين، وقد تكون عقلية مثل التخلف العقلي بأشكاله المختلفة. ففي دراسة أميركية العام ،1980 من الولادة حتى سن 20 سنة، بينّت أنّ حالات متلازمة دوان 1 و1 من كل 1000 شخص، وحالات الصرع 7 من كل 1000 حالة، وحالات فتق العمود الفقري 4 و0 من كل 1000 شخص.
كيف نكتشف الإعاقة؟
هناك عدة مراحل، هي في الحقيقة مراحل عُمر الإنسان المختلفة من مرحلة وجوده في رحم أمه: من خلال العناية بالحوامل، ومتابعة الحمل بصفة دقيقة سواء كانت سريرية أو مخبرية، أو بواسطة الأشعة الصوتية. من خلال العناية بالخُدّج، ومعاينتهم بعد الولادة، والكشف عن بعض التشوهات الخلقية. من خلال عمل تحاليل مختبرية للكشف المبكر عن بعض الأمراض التي لا تظهر في الساعات الأولى من الولادة مثل أمراض قصور الغدة الدرقية. من خلال متابعة الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة، والتأكد من التطور والنمو البدني والنفسي والعقلي للطفل. من خلال المتابعة أثناء الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية، والتأكد من نمو الشخص البدني والنفسي والعقلي. من خلال وضع برامج مختلفة بحسب الأعمار، لمتابعة حفظ الدم والسكر والوزن، والصحة العامة. والكشف المبكر عن الإعاقة قبل حدوثها، يُساعد على منع الإعاقة أو التقليل من أثرها، فالمعوّق يتطلب دعماً أسرياً واجتماعياً ومادياً وغيره. فمن الناحية الأسرية، وجود المعوق يتطلب وجود ممرضة وأجهزة أحياناً في البيت، بالإضافة إلى الارتباط الأسرى بالمريض ومنع والديه من الذهاب للعمل أحياناً، فضلاً عن الجانب النفسي والمعنوي الذي سيؤثر على الأسرة. مادياً، تتكلف العناية بالمعوق آلاف الدنانير سنوياً، إضافة إلى المتطلبات الأخرى، كحاجته إلى عمليات جراحية وطبية وغيرها. والاكتشاف المبكر يمنع أو يقلّل الإعاقة، ما يقلل الكلفة كثيراً.
العلاقة بالمجتمع
تختلف نفسية المعوق اختلافاً كلياً عن قرينه السّوي، ويرجع هذا الشعور الداخلي للمعوق نفسه، فهو يشعر بعجزه عن الاندماج في المجتمع نظراً إلى ظروفه المرضية، ما يجعله مُنغلقاً على نفسه، كلّما تذكر إصابته، فتتسع الهوة بينه وبين مجتمعه. والمجتمع نفسه لا ينظر إلى المعوق نظرته إلى الشخص السليم المُعافى، بل على أساس أنّه عالة عليه، وهذا يُضاعف من عزلة المعوق وانكماشه، إذ يتأثر من هذه النظرات، ويزداد إحساساً بالعجز والقصور. ومعظم البرامج التربوية والتأهيلية لذوي الاحتياجات الخاصة تركز على ضرورة مشاركة الأسرة في الإعداد والتنفيذ، على أساس أنّ الأسرة هي البيئة الأساسية التي يعيش فيها الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي تؤثر بشكل ملموس على حاضره ومستقبله، إذ لا يمكن لأيّ مختّص تعليمه أوتدريبه أو تأهيله بمعزل عن الأسرة. فلابد من توثيق العلاقة بين الأسرة والمختّصين في تقديم الخدمات بالمؤسسات التعليمية والتأهيلية وداخل المنزل. ولابد من التوعية وتوفير المعلومات والتدريب للأسر للظهور علناً بأبنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومواجهة تحديات المجتمع الكثيرة في مجال عدم تقبّلهم.
ما هي مسئوليتنا؟
ضرورة إقامة علاقات تنسيق وشراكة متكافئة بين المختّصين في مجال الإعاقة أيّاً كانوا أفراداً أو جماعات أو مؤسسات حكومية أو أهلية، وبين أسر ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعزيز دور الأسر وإشراكها في إعداد وتخطيط وتنفيذ البرامج التربوية والتعليمية عند اتخاذ القرارات التي تخص أبناءهم، وتدريب الأهل وتثقيفهم على كيفية التعامل مع أبنائهم وتوعيتهم بحقوقهم، إلى جانب مساهمة المجتمع بتوفير فرص وصول هؤلاء للمدارس والأماكن العامة. ولابدّ من توفير التقنيات اللازمة لإعداد الوسائل، مثل الكاميرات، شاشات العرض، ومجسمات ولوحات عرض، مع الرجوع للمؤسسات أو الجهات الأمنية في حال تعرض المعوق لأي مسألة قانونية أو أمنية للوصول إلى المعلومة من جهة متخصصة، ليكون هناك تعاون وتكامل بين الجهات الأمنية والجهات الأخرى العاملة في مجال الإعاقة في حل مشكلات وقضايا هؤلاء الأشخاص وتفهم أوضاعهم وظروفهم. وقد ركزّت خدمات التدخل المبكر التقليدية بشكل رئيسي على الطفل، إذ يتمثل دور المختّصين في تحديد مجال عجزه، ثمّ القيام بتقويم هذا العجز، أو التقليل من أثره على حياة الطفل. والعائلات تعدّ مراجع لتلبية احتياجات الطفل وتعزيز تطوره، ولذلك يعتبر إشراك الآباء وانخراطهم مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة هدفاً دائماً، إذ انتقل التركيز من الطفل إلى العائلة، في الوقت الذي لا يتمّ إشراك الآباء في اتخاذ القرارات المتعلقة بالبرامج» لأنّه كان يُنظر إليهم على أنّهم غير مؤهلين. ويعتمد أداء الأسرة لوظيفتها إلى حد كبير على بنية الأسرة ذاتها، مثل حجم الأسرة والخلفية الثقافية، والقيم، والحالة الاجتماعية والاقتصادية.
لا لنظرات العطف،
علينا أن نحاول إدراك ما يريد المعوق أن يقوله لنا: «أشكرك بحق وبعرفان، أرجوك بكل اللطف أنْ تدعَ الشفقة حين تراني. صدّقني إنّي أرفض نظرات العطف. أرنو بطموح للمستقبل للإشراق المقبل، وأشقّ طريقاً من نور لغدي الآتي. صدّقني على رغم الذهن المحدود... فصور الإدراك، العكازان، النظارات السوداء، الأجهزة التعويضية والحرمان. فأنا أرسم بسمات للحلم النابض لندى الفجر المترقرق بالصبر والإيمان. صدّقني سأرمم ذاتي، وأزيّن حياتي، أتفاعل، أتواصل وأنمّي كل مهاراتي. أنسج أحلامي بخيوط السوسن... أقف وأجلس وأشارك في الشدو، وأفتح قلبي للآخر. أقبلّه أتكامل معه، فنحن جميعاً شركاء، في المجتمع الواحد أعضاء. صدّقني واسمعني، سرّ بجواري... واستوعب أطواري، لكن... دع عنك الشفقة، إنّي أشكرك وأرجوك بكل اللطف... إنّي أرفض نظرات العطف»
العدد 1197 - الخميس 15 ديسمبر 2005م الموافق 14 ذي القعدة 1426هـ