منذ أن حيِيت على وجه الأرض والساحة اللبنانية مأزومة وسريعة العطب، إلا أنها هذه اللحظات هي الأكثر «شحنا» وأقصاها في درجات التوتر والقابلية لإنتاج الصدمات المزلزلة. كما أنها تختزن كل عوامل الاختلال التي بدأت تطغى على عوامل التوازن لتغرق بعد ذلك «السفينة اللبنانية»، كما هي فعلا نهاية الفيلم الأميركي «تايتانك». لبنان يعيش اليوم وسط حال من القلق العميق الذي يلفه من كل جانب، إذ تراكمت فوقه أثقال وتحديات ومصائب كثيرة العيار ينكسر منها العظم ويهدم «هيكل السفينة» ويهدد وضع لبنان وأمنها واستقرارها. الخوف الرئيسي هذه المرة، أن وضع لبنان السياسي بدلا من أن يتلملم تحت وطأة التحديات والكوابيس التي تهدده وتنذر بمفاقمة أزمته. فنحن نراه اليوم ومع الأسف وقد ظهرت عليه بوادر تشقق خطيرة الطابع. ما يزيد الوضع اللبناني سوءاً هو أن ساسة اليوم ليسوا كالأمس، فهم تحولوا عن المسار وابتعدوا عن خطوط التقاطع المشتركة القادرة على شد عناصر اللحمة والتماسك اللبناني. قد يكون ذلك انعكاسا لحال الإحباط الشديد السائدة أكثر مما يعبر عن حقيقة الواقع، الذي مازال يختزن إمكانات الصحوة والاستدراك، لكن الفوضى والضياع جعل الإناء اللبناني يفيض غضبا. فالشعب بات يتوجس بأنه من الأسهل تعداد الباقي من اللبنانيين على قيد الحياة من أن نعد أسماء الذين قتلوا أو اغتيلوا أو استشهدوا منذ 1980 وحتى اغتيال النائب المعارض جبران تويني. لهذا وقبل أن نختم، للأشقاء في لبنان منا نصيح على رغم أنكم تعرفونها، فليعلموا أن «الطبيب» مهما كان شاطرا فهو قادر على زراعة أعضاء كثيرة معطوبة كالقلب والكلية والكبد والأطراف المقطوعة، ولكنه لا يستطيع أن يغير «الجسد كاملا»
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1197 - الخميس 15 ديسمبر 2005م الموافق 14 ذي القعدة 1426هـ