العدد 1196 - الأربعاء 14 ديسمبر 2005م الموافق 13 ذي القعدة 1426هـ

ماذا نتمنى من الملك حمد بن عيسى في عيدنا الوطني؟

جلالة الملك حمد بن عيسى، أمنيات شعبك بسيطة وكبيرة في الوقت نفسه، لكنها قابلة للتحقيق بإرادتك وإرادة شعبك. نعم، هي بسيطة متى ما توافرت الإرادة، وهي متوافرة لدى جلالتك ومتوافرة لدى شعبك. والذي جعل أمنيات هذا الشعب كبيرة هو كونها نتاج مرحلة طويلة سادت فيها الكثير من العذابات والمظالم والفساد، لذلك تأتي الأمنيات في حجم المعاناة. لقد استطاع جلالتكم في بداية تولي قيادة هذا الوطن المعطاء، إخراجنا من عتمة قاتمة، عبر ميثاق العمل الوطني وقراراتك التاريخية بإلغاء قانون أمن الدولة سيئ الصيت ومحكمة أمن الدولة وعودة المنفيين إلى أرض وطنهم وخروج جميع معتقلي وسجناء الرأي العام من المعتقلات. وإن جلالتكم لقادر بالتأكيد على إكمال المسيرة وإزالة المعوقات والمنغصات التي يعيشها ويحسها ويشعر بها شعبكم الكريم. ففي المسألة الدستورية: لا نعتقد أن هناك منصفاً ومطلعاً لا يرى وجود إشكال دستوري بعيد إصدار دستور 2002 الذي جاء دون تطلعات شعبك، وجاء خلاف ما كان متوقعاً عند ذهابنا للتصويت على ميثاق العمل الوطني. مع ذلك، نعتقد أن جلالتكم خير العارفين بوجود مثل هذا الإشكال، ونعتقد أنك قادر ببصيرتك الثاقبة على أن نخرج من هذا الإشكال عبر حوار فعال وصادق بين السلطة والقوى السياسية الفاعلة لإيجاد توافق سياسي، وليكن توافقاً مرحلياً يتضمن الحد الأدنى المقبول، قابلاً للتغيير والتطوير في مرحلة مقبلة، بعد فترة اختبار محددة يتم خلالها تقييم ما يتم الاتفاق عليه. وعلى صلة بالمسألة الدستورية، يأتي توزيع الدوائر الانتخابية توزيعاً غير عادل، نتج عنه تمثيل غير عادل، ومن العدل أن يكون التمثيل عادلاً متوافقاً مع الحد الأدنى من القواعد الدولية في نسب التمثيل. مسألة البطالة: منذ سنوات عدة ومشروع يتلوه مشروع آخر تحت شعار حل للبطالة، ولكن لم نشعر بوجود حل ، ونحن بانتظار مشروع جلالة الملك للتوظيف المقرر أن ينطلق بداية العام المقبل، ويأمل شعبك وخصوصاً العاطلين من أبنائك أن يجدوا في هذا المشروع الذي يحمل اسم جلالتك ما يحقق أحلامهم. ولا يخفى على جلالتكم أن الكثير من الحوادث التي مرّ بها وطننا ولايزال يمر بها، مثل حوادث التسعينات المؤلمة... وأن الشعور بالبطالة والتعطل وما يلحق بهما من فقر هو شعور مؤلم ومحزن. فكم هو مؤلم أن يصل الشاب إلى الثلاثين من عمره ولا يجد فرصة عمل تقيه العوز والحاجة. وكم هو مؤلم للشاب أن يأخذ مصروف جيبه من والده الفقير الذي يستطيع بالكاد أن يوفر الحد الأدنى من المأكل والمسكن لأسرته. وكم هو الألم الذي يعتصر قلبي الأم والأب وهما يريان فلذة كبديهما بلا أمل يتحطم أمامهما... فنأمل أن يكون مشروع جلالتك هو مشروع الأمل الذي يزيل من أمامنا هذه القنبلة التي تهدّد الأخضر واليابس. ونرى أن جلالتك تريد وتملك الإرادة التي تحقق تطلعات وأمنيات هذا الشعب، ونعتقد أننا بحاجة إلى قرار سياسي من خلاله نستطيع القضاء على سياسات العبث التي يقوم بها بعض المستفيدين والمتنفذين بتأجير السجلات التجارية على الأجانب، وخصوصاً أن أسواق المملكة قد تحوّلت إلى محلات مملوكة بالكامل للأجانب. فهل نحن بحاجة إلى باعة آسيويين في أسواق السمك واللحم والخضراوات ومحلات البقالة ومحلات بيع الملابس والحاجيات البسيطة؟ معذرةً، فهم ليسوا عمالاً في هذه المحلات، بل هم يعملون لحسابهم. ومعذرة صاحب الجلالة أن نتحدث معكم في مثل هذه الأمور، ولكن الذي دعانا إلى ذلك هو كون الكثير من المسئولين يعلمون بهذا الواقع، لكن لا نلمس منهم الجدية في الإصلاح، فهناك الكثير من أصحاب المصالح الذين يعطلون ويقاومون أي إصلاح. ملف التجنيس: لقد أدخل جلالتكم الفرح والأمل في نفوس الكثيرين من أبناء الشعب، ممن تربوا في أحضان هذا الوطن، ولم يعرفوا وطناً غيره، واستحقوا شرف الانتماء إليه، ونالوا شرف حمل جنسيته. وأدخلتم الفرحة في نفوس الكثير من العائلات العربية التي عاشت في كنف هذا الوطن وخدمته بأمانة وإخلاص، وكانت تتمنى البقاء فيه بانتماء صادق، وهي تستحق أن تنال هذا الشرف، لكن في ظل هذا الملف حدثت تجاوزات ليست قليلة، إذ تم تجنيس أعداد كبيرة من دون وجه حق قانوني، وأستطيع القول إنني أعرف بعض الأفراد تم تجنيسهم وأنا مقتنع بأنهم لم يخضعوا للمقاييس الصحيحة التي بموجبها يجب منح الجنسية. فهناك أناس تم تجنيسهم، لا ندري وفق أية مقاييس وما الأسباب التي دعت إلى تجنيسهم، على رغم معرفة القاصي والداني بأن الأضرار التي ستلحق بهذا الوطن حاضراً ومستقبلاً رهيبة وخطيرة بكل المقاييس. فمملكة البحرين ليست استراليا أو نيوزيلندا، فهي ليست بحاجة إلى سكان. وليس من المعقول أن أطعم من هو غريب عن هذا الوطن ويظلّ المواطن جائعاً، والخدمات التعليمية والصحية لا تلبّي حاجات المواطن، وفرص العمل غير متوافرة لابن الوطن، فكيف أقوم بتجنيس أناس آخرين مضيفاً مشكلات أخرى إلى مشكلات الوطن. نأمل أن يفتح هذا الملف بشكل أمين وصادق، ويعاد النظر في من تم تجنيسهم من دون حاجة ومن دون وجه قانوني، مع حفظ حقوقهم الإنسانية وتعويضهم تعويضاً عادلاً بما يحفظ كرامتهم وإعادة جنسيتهم الأصلية بإرادتهم، أملاً بألاّ يكون تجنيسهم قنبلة موقوتة لا ندري متى تنفجر. ملف التعليم والتدريب: هذا الملف على صلة بملف البطالة، وسؤال يظل مطروحاً باستمرار: هل العاطلون مؤهلون لدخول سوق العمل؟ وإذا كانوا غير مؤهلين، فما السبب؟ إذا كانت مخرجات التعليم والتدريب ضعيفة، فلم لا يعاد النظر في مناهج التعليم والتدريب؟ ولماذا تصرف الدولة على التعليم والتدريب، إذا كانت تلك المخرجات تعطينا جيشاً من العاطلين، في ظلّ تقلّد الكثير من الأجانب الوظائف والأعمال. فنحن نحتاج إلى قرارات وسياسات تؤدي بنا للحصول على مخرجات ذات فاعلية. ملف ضحايا التعذيب: وهو ملفٌ مليء بالآلام والمآسي، لضحايا فترة قانون أمن الدولة، شباب استشهدوا في أقبية التعذيب دونما سبب موجب سوى إرادة من قام بتعذيبهم وقتلهم بدم بارد. آخرون أصيبوا بعاهات جسدية ونفسية ومرضية جراء أساليب وحشية اتبعت معهم في غرف التعذيب وزنازين الاعتقال. المشروع الإصلاحي لن يكتمل ما لم يجد هذا الملف الحل العادل بما يكفل ردّ الاعتبار لشهداء الوطن، وضحايا التعذيب وتأهيلهم واعتذار من تورط في خطيئة التعذيب، فيجب أن تكون هناك إجراءات تحقق المصالحة الوطنية. ملف المبعدين: مع مشروع جلالتكم الإصلاحي عاد المبعدون إلى أرض الوطن، بعد أن أفنى معظمهم زهرة شبابهم في غربة قسرية خارج الوطن. عادوا والأمل يحدوهم في أن يجدوا ما يؤمن لهم حياة كريمة، ويجدوا الأمان لهم ولأسرهم، فيتمنى شعبك في عيدنا الوطني أن يجد هؤلاء المواطنون الحل الذي يؤمن لهم حياة كريمة، وبما يضمن لهم ولأطفالهم الأمان اللازم. هو جزء من ملفات عدة، هو جزء من آلام ، جزء من أمان وآمال متواضعة. نأمل أن نسمع من جلالتكم في خطابكم بمناسبة العيد الوطني ما يثلج صدورنا ويزرع الأمل في نفوسنا. مبروك لمملكتنا عيدها الوطني ومبروك لملكنا حمد عيده وعيد مملكتنا

العدد 1196 - الأربعاء 14 ديسمبر 2005م الموافق 13 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً