«الابنية الذكية» تعبر عن أبنية ذات ميزات وخصائص مختلفة بحسب الزاوية التي ننظر منها وغرض استخدامها. وتنقسم ميزات الأبنية الذكية الى: 1 أبنية ذات كفاءة عالية من حيث استخدام الطاقة الكهربائية والطاقة البديلة. 2 أبنية تستخدم وسائل راحة ورفاهية متقدمة ومؤتمتة. 3 أبنية ذات أنظمة أمنية ونظم أمن وسلامة متقدمة. 4 أبنية مجهزة بأنظمة نظم معلومات متقدمة. ومن الممكن جداً أن تكون الأبنية مجهزة بواحدة أو أكثر من المزايا المذكورة أعلاه، وبهذا تكون هذه الأبنية أكثر قرباً إلى التعريف الحديث للأبنية الذكية، والذي بات يعرف بأبنية ذات ميزات تشمل المزايا المذكورة أعلاه، بالاضافة الى مزايا خاصة بالبيئة التي تقع فيها هذه الأبنية مثل الأبنية الذكية في اليابان والتي غالباً ما تكون مجهزة بأنظمة مقاومة للزلازل. الحديث بالتفصيل عن هذه المزايا يقع خارج نطاق أهداف هذا المقال الذي ارتأينا أن نعطي من خلاله فكرة عامة عن هذا المجال الذي بات من المسلم أنه قادم، وأن المستخدمين باتوا يتطلعون ويتوقعون وجود مزايا الابنية الذكية، وخصوصاً في المباني الحديثة، وبالتالي أصبح من الحتمي على المستثمرين أن يفكروا في كيفية الاستفادة من هذه الميزات، لما لها من إيجابيات مادية وبيئية. فعلى سبيل المثال، من حيث الايجابيات المادية، فإن هذه الابنية يمكن أن تؤمن توفيراً عالياً من الطاقة الكهربائية بما يصل إلى 30 في المئة من إجمالي الطاقة المستخدمة في المبنى، وتزيد هذه النسبة إذا ما استخدمنا سبل الطاقة البديلة. أما من الناحية البيئية، فغالباً ما يعود إلى استخدام سبل ترشيد استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية الأخرى مثل استخدام المياه وإعادة الاستفادة من مياه الصرف الصحي، بعد معالجتها طبعاً، لأغراض الريّ أو ما شابه. وبما أننا نتكلم عن إيجابيات المباني الذكية فلابد أن نشير إلى أن إحدى أهم المزايا تكمن في تميّز هذه الأبنية عن غيرها، ما يجعلها مرغوبة أكثر لدى المستأجرين والمشترين، كما هو الحال بالنسبة إلى السيارات، من حيث مزايا الأمن والسلامة أو لجهة مزايا الرفاهية. ومن هنا نشير إلى بعض جوانب مزايا الابنية الذكية:
استخدام الطاقة
إن فكرة ترشيد الطاقة غالباً ما كانت تحتل مرتبة ثانوية من حيث الأهمية، ولكن الاهتمام بترشيد استخدام الطاقة بدأ يأخذ عناية خاصة على مستوى الدول لعدة عوامل منها ارتفاع الطلب على النفط، ما أدى إلى زيادة الأسعار بشكل حاد، إضافة إلى المشكلات البيئية الملحة الناجمة عن توليد الطاقة، والتي تعتبر أحد أهم الأسباب وراء ظاهرة الاحتباس الحراري وسلبيات بيئية أخرى. هذا الاهتمام الدولي بدأ يفرض نفسه من خلال المعاهدات الهادفة إلى خفض التأثيرات السلبية على البيئة، كمعاهدة كيوتو وغيرها، من خلال فرض مواصفات وقيود على توليد واستخدام الطاقة، ما حدا بالكثير من الدول إلى التشجيع على تبني تقنيات الأبنية الذكية وأساليب الطاقة البديلة. هناك الكثير من الأمثلة الممكن طرحها في مجالات ترشيد الطاقة، ومنها ما أثبتته الدراسات من ان الاستخدام الذكي للإنارة في المباني المخصصة للعمل يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتوفير استهلاك الطاقة الكهربائية بما يعادل 5 في المئة من إجمالي الطاقة المستهلكة في المبنى. وهناك أمثلة أخرى تطال التدفئة والتبريد وتسخين المياه وغير ذلك.
وسائل الراحة والرفاهية
إن تطوير سبل الراحة والرفاهية طالما كانت هدفاً للانسان منذ القدم، وما هذا التطور الذي نعيشه الآن إلاّ نتيجة لهذا السعي الحثيث للانسان إلى تطوير أساليب تؤدي إلى مزيد من الراحة والرفاهية، سواء في العمل أو في أسلوب الحياة والمعيشة. ومن الطبيعي ان بعض الميزات التي تندرج تحت الاستخدام الذكي للطاقة تصب أيضاً في زيادة الرفاهية والراحة كمثال الإنارة أعلاه. وهنا يكمن سر إيجابيات الأبنية الذكية، التي تهدف الى التطوير والترشيد وليس إلى التقنين. فعندما نتكلم عن ترشيد الطاقة في سياق الابنية الذكية لا نعني انه يأتي على حساب الراحة الشخصية أو تغيير أسلوب الحياة، بل على العكس، إذ يهدف إلى الاستخدام الأمثل للطاقة مع تطوير الأداء وسبل الراحة والرفاهية.
الأمن والسلامة
هناك دوافع عدة لتطوير سبل الأمن والسلامة في المباني، بحسب أهداف واستخدامات هذه الأبنية، ولكن من المسلم به انه يوجد حد أدنى من متطلبات الأمن والسلامة الذي بات من حتميات خصائص الأبنية، سواء كانت حكومية، سكنية، أو مكاتب وشركات خاصة. وهذا يعتبر مجالاً واسعاً يبدأ من حد إمكان دخول الاشخاص إلى الأماكن غير المصرح لهم بها، ليتسع ويشمل المراقبة الآلية لكل من يدخل ويخرج، واستخدام أحدث وسائل تحديد الشخصية مثل بصمات اليد والكف والعين والأذن والوجه وما شابه من تقنيات متقدمة، يمكن إدخالها في نظام أمني متطور بحيث تصبح عملية متابعة دخول وخروج الأفراد من وإلى هذه المباني عملية آلية. وهناك أنظمة الإنذار الخاصة بالحرائق وأنظمة إطفاء الحرائق، وكذلك الأنظمة القادرة على التعامل مع العزل الكامل لجزء من مبنى مصاب بتلوث كيماوي أو بيولوجي أو ما شابه.
نظم المعلومات المتقدمة
ليس هناك أدنى شك بأن أي مبنى حديث، سواء كان للعمل أو السكن، يجب أن يوفر حداً أدنى من بنية تحتية لنظم المعلومات، التي تلعب دوراً أساسياً في منظومة متكاملة للبناء الذكي القادر على ربط كل هذه الميزات مع بعضها بعضاً لتتكامل وتضاعف من فوائد هذه الميزات مجتمعة. إذا نظرنا إلى التطور العمراني في المنطقة، فإننا نلاحظ ان مزايا من المباني والبيوت الذكية أصبحت واقعاً، وأن هذا التطور سيتسارع ويتزايد، والكلام عن المجتمعات والضواحي، بل والمدن الذكية بات جزءاً من الكلام الدائر في الجامعات العربية، وكذلك على مستوى منفذي المشروعات العمرانية في المنطقة. فاليوم الذي يتعرف فيه المبنى على الموظف من لحظة وصوله موقف السيارة ويدخل المبنى ليرى أن المصعد بانتظاره، وفي الوقت نفسه، يقوم «المبنى الذكي» بتهيئة المكتب لاستقبال صاحبه من ناحية إشعال النور أو تشغيل التكييف، إلى فتح الستائر وتشغيل جهاز الحاسب بحيث يكون جاهزاً عند دخول الموظف إلى مكتبه، ليبدأ بيوم جديد حافل بالنشاط والانتاجية، فهذا اليوم أصبح أقرب مما نتصور، لأن التقنيات المطلوبة أصبحت متوافرة، بل ودخلت منطقتنا في تطبيقات محدودة. وعندما ننظر إلى هذه الصورة نستطيع رؤية كيف ان الاستخدامات الذكية لسبل ترشيد الطاقة والراحة والرفاهية، بالاضافة إلى طرق الأمن والسلامة الحديثة، تستطيع مجتمعة ان تقدم لنا ما نصبو إليه من «أبنية ذكية»، بحيث نحصل على فوائد الترشيد مع رفاهية وراحة شخصية أعلى
العدد 1190 - الخميس 08 ديسمبر 2005م الموافق 07 ذي القعدة 1426هـ