لابد ألا نهمل ذلك الدور الذي لعبته «الوسط» في الضغط على طبقة رجال الأعمال لإيجاد صورة من الشراكة المستمرة بين المجتمع أفراداً ومؤسسات مدنية من جهة، وبين غرفة تجارة وصناعة البحرين ممثلة بكبار رجال الأعمال والاقتصاديين البحرينيين من جهة أخرى. «جمعية التجار الخيرية» والتي سيدعمها رجال الأعمال والشركات لابد أن تجد صيغة اجتماعية ناجعة لتعمل بها بالكفاءة المطلوبة، هذه الصيغة لابد أن تكون بقدر الطموحات المرجوة من هذا القطاع المهم الحيوي في التجربة البحرينية اليوم. الخوف أن يكون المشروع «صندوقاً خيرياً»، لسنا بحاجة لصندوق خيري جديد ينضم لقائمة مشروعاتنا الخيرية الموجودة، أو ليقوم بتوزيع الصدقات على المحتاجين، ولا نشك في أن لرجال الأعمال البحرينيين أيديهم البيضاء في هذا السياق، والتي لن يكون هذا الصندوق دليل مساهمات هذه الأيدي البيضاء. ما نحن بحاجة إليه هي رؤية شراكة تنموية حديثة وفاعلة وقادرة على البقاء والاستمرارية والإنتاجية بين الأطراف كافة. المجتمع الذي سمح لهذه الشركات والمؤسسات بالبقاء والربح والنمو وبناء المزيد من الإمبراطوريات المالية من حقه أن يحصل على ما يساوي هذه الشراكة والمنحة الاقتصادية لهذه المؤسسات الاقتصادية والتجارية، سواء على صعيد جودة خدماتها له، أو عبر مساهمتها الجادة في تطوير مخرجات هذا المجتمع على جميع الأصعدة من دون استثناء. ليست هذه الرؤية «تجرداً شرقياً لا يعرف لغة السوق ومفاهيمه الجديدة» بقدر ما هي تمثيل حقيقي ومباشر لواقع الشركات الأميركية الكبرى، دفعت الشركات ومؤسسات المال الأميركية والتي تعتبر المثال الأقرب والأوضح لحاكمية السوق السياسية والاجتماعية خلال العام الماضي «تريليون دولار» على شتى مجالات التعليم والتنمية والثقافة والتدريب والأبحاث والدراسات، وهذا ما يجعلنا نتحذر من أن تكون «جمعية التجار الخيرية» مجرد علبة كبيرة للصدقات، كان من المفترض أن تكون فلسفة هذا التجمع ليست عبارة عن «تجمع خيري»، وألا تكون المساهمات مجرّد «تبرعات»، بل أن يتم صوغ المشروع كصندوق وطني للتنمية الاجتماعية، على أن تخصّص الغرفة نشاطات هذا الصندوق لما من شأنه تطوير المجتمع البحريني تعليماً وتدريباً وتأهيلاً، وهو الدور المأمول منها. «تطوير برامج التدريب التطبيقي بجامعة البحرين ومعهدها»، «برامج دعم الطلبة في الدراسات النادرة والخاصة بتطوير سوق العمل»، «برامج التعليم والتدريب بوزارة التربية»، «مؤسسات المجتمع المدني»، «برامج دعم الدراسات التجارية والاقتصادية»، نتطلع أن تلاقي هذه النقاط العناية لدى جمعية التجار الوليدة. لا ننكر أن للأعمال الخيرية أهميتها، إلا أننا نتفق مع ما ذهب له رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين عصام فخرو في أن الغرفة والقطاع الخاص يحتاجان إلى دور اجتماعي وسياسي وتنموي وإعلامي أكبر وأبرز. ولن يتسنى هذا الطموح للغرفة إلاّ إذا استطاعت فرض أجندتها الاقتصادية على شتى شركائها في المجتمع، على أن يقتنع القطاع الخاص أن لهذه المشاركة «واجباتها الثقيلة»، ومن أهمها المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للفرد البحريني. نتطلع من غرفة تجارة وصناعة البحرين في دورتها الجديدة أن تلعب دوراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً أكبر، فالبحرين مع دخولها للعولمة الاقتصادية تحتاج أن تتماثل مع أحد اليقينيات الاقتصادية في المجتمع الأميركي، والتي تقول «ما ينفع جنرال موتور ينفع الأميركيين، وما يضر جنرال موتور يضر بالأميركيين»،
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1186 - الأحد 04 ديسمبر 2005م الموافق 03 ذي القعدة 1426هـ