ننتقل الى القضية الثانية، وهي قضية العمالة. فإن الاعتقاد السائد هو ان الكثير من المؤسسات والأنشطة الاقتصادية التي تملكها وتديرها الدولة يعمل بها عدد من الموظفين والعمال اكبر من الحجم المطلوب وهو ما يسمى احيانا بالبطالة المقنعة. وتلجأ الدولة لمثل هذا الأسلوب لتحقيق هدف اجتماعي هو توفير فرص العمل للأيدي الوطنية حتى وان كان احيانا على حساب المردود الاقتصادي. لذلك فإن التخوف هو ان يؤدي تنفيذ برنامج التخصيص الى فقدان أيد عاملة وطنية لوظائفها في المؤسسات المخصصة0 على اية حال، فان المقترحات التي أوردتها الأطر العامة يجب ألا ينظر اليها كسياسة ثابتة، وانما يجب تطوير الكثير من البدائل الأخرى. فلقد لجأت الكثير من الدول التي تبنت سياسات التخصيص الى تنفيذ عدد من الوسائل لتجاوز ذلك التخوف مثل إعادة استثمار حصيلة المشروعات المخصصة في انشاء مشروعات جديدة توفر فرص عمل للعمالة الفائضة او استخدام جزء من تلك الحصيلة لوضع برامج تشجع على التقاعد المبكر بالنسبة للرجال والتفرغ بوقت أكبر لتربية الاطفال بالنسبة للنساء. كما يجب التذكير هنا ان هذا التخوف ينحصر في المرحلة اللاحقة مباشرة لتنفيذ برنامج التخصيص، اما على المدى البعيد فيفترض ان يؤدي هذا البرنامج الى توفير فرص عمل أكبر. اما القضية الثالثة، وهي الخاصة بتسعير الخدمات المخصخصة، فان الاطر العامة تقترح ان يتم وضع حد اعلى للربح الذي يؤول للشركة صاحبة الامتياز هو 20 في المئة في المتوسط (لمدة ثلاث سنوات) على الرأس مال المدفوع، ويتم تقاسم العوائد التي تتجاوز تلك النسبة مع الحكومة. وهذا المقترح سيضع سقف اعلى على الارباح ويؤثر بشكل مباشر على سياسات الاسعار. ومع ذلك يظل هناك دور رئيسي للدولة في الرقابة على هذا الجانب والحيلولة دون ادخال زيادات كبيرة ومفاجئة على تلك السلع والخدمات وذلك من خلال فرض مرحلة انتقالية تسمح بحدوث زيادات تدريجية يمكن استيعابها من قبل مجهود المستهلكين خصوصا عندما يترافق معها تحسين مستويات معيشتهم في جوانب اخرى ستنال عناية أكبر من قبل الدولة. اما موضوع الرقابة على الشركات المخصخصة، وهي القضية الرابعة، فهنا تتضمن الاطر العامة المقترحة ان تقوم الحكومة بوضع الحدود المناسبة للمواصفات التي يجب ان تتوافر في كل مجال من مجالات الاعمال التي سيشملها التخصيص والتي ستلتزم به الشركات في تنفيذ وادارة وتشغيل المشروعات كذلك ان يتم تنفيذ وتشغيل وادارة مشروعات التخصيص وفق معايير الاداء والكفاءة التي تضعها الحكومة. من خلال تجارب الكثير من البلدان في التعامل مع الموضوع، فقد اتضح من برامج التخصيص ان الدولة عادة ما تقوم بتقسيم تلك المؤسسات وفقاً لأهميتها وحساسيتها بالنسبة للاقتصاد الوطني. وقد قامت عدد من الدول باختراع ما يسمى با «الاسهم الذهبية» التي يحق للدولة وحدها تملكها في المؤسسات المخصخصة وتخولها الحق في الموافقة على بعض القرارات والسياسات المهمة الخاصة بتلك المؤسسات سواء من خلال تعيين ممثلين لها في مجالس ادارات هذه المؤسسات او بالطلب من هذه المؤسسات الرجوع الى الوزارة المختصة قبل تنفيذ تلك القرارات والسياسات. ان «الاسهم الذهبية» لا تمثل حقاً مالياً للدولة في هذه المؤسسات، بل انها تعطيها دوراً رقابياً واشرافياً على السياسات والقرارات المهمة مثل المؤسسات
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1173 - الإثنين 21 نوفمبر 2005م الموافق 19 شوال 1426هـ