في 4 يوليو/ تموز 2005 كتبت في هذه الزاوية موضوعا بعنوان: "عادل كامل" من المحرق إلى غوانتنامو. وأنا اليوم وبمناسبة عودة الأخ عادل كامل حاجي أكتب عنوانا مغايرا للعمود: "عادل كامل من غوانتنامو إلى المحرق"، وهذه من نعم الله علينا وله الفضل والمنة في الأول والآخر. هو أحد أبطال البحرين الذين تعرضوا لأبشع صنوف الظلم والعدوان والعسف والقهر، إرادته القوية لم تنكسر في مواجهة برابرة الحضارة الأميركية، تحداهم بإرادة فولاذية وعزة قل مثيلهما... لم تغيره سنوات المعتقل، ولم تنل من إسلامه وعزيمته ومعتقده وفكره الذي آمن به، قيد أنملة. عرفه الناس بطيب أخلاقه وحسن صفاته وطبيعته المرحة الممزوجة برجولة متناهية في المواقف الاجتماعية الكثيرة، وبتعبيرنا المحلي، هنا في المحرق نقول: "ريال مردانه". عندما سمعت خبر وصوله وجلوسه لاستقبال الناس المهنئين بسلامة العودة، اتجهت إلى حيث المجلس، ولما اقتربت منه وجدتني وقد اغرورقت بالدموع عيناي، فحقنت نفسي بجرعة كبيرة من الصبر، ما كنت أصبرها لولا إعانة المولى. ولما اقتربت منه واحتضنته أحسست بمشاعره وعزيمته القوية التي لم يفت منها قيد الحبس ومعاناة انتظار ساعة الإفراج. ومازال يذكر الناس بأسمائهم وصفاتهم حتى أنه سألني عن سبب ضعف بنيتي الجسمانية عما كنت عليه سابقا. لم أتوقع أن أجده بهذا الشموخ والإباء، لم يستطع المجرمون، أصحاب المئة معتقل في دول العالم "عولمة تعذيب البشر وانتهاك حقوق الإنسان" النيل من شموخه وعزته بالإسلام، لم ينثلم إيمانه برماح الغدر القبلي/ العشائري ونصال النظام الباكستاني، لم يؤثر فيه التخاذل الرسمي عن نصرة قضيتهم العادلة لمدة ثلاث سنوات... هكذا وجدته: عادل كامل كما عرفته لم يتغير أبدا. عرفته مذ سنين عمري الأولى في الفريج، ومن بعدها، في سنين لاحقة، على "سيف" بحر المحرق "بين الأعوام 1984 - 1989"، وحينها كنت بين العاشرة والخامسة عشرة من عمري، عاصرته بحارا عنيدا، حتى أنه اشترى "دنكيه" "بانوش/ محرك ديزل" لممارسة هواية الصيد، على رغم نصح الكثيرين له إلا أنه أقدم على شرائها، وأحسب أنه صرف عليها الكثير من المال. حينها كنت بحارا صغيرا "عليمي" أذهب للبحر مع جدي من الأم - والدنا المرحوم - بإذن الله تعالى - عبدالله بن حمد العليوي، وقد كان "عدولي" "كما يناديه "شياب وعيايز" المحرق" من المقربين للجد بوحمد، وكان عادل وآخرون من أهل النخوة و"المريلة" ممن يساعدون كبار السن أثناء إبحارهم وذلك "بتحميل" الديزل والثلج والماء على سطح البوانيش المغادرة للمرسى، وكنت والجد الغالي والفاضل عبدالله بن جابر الجلاهمة نبحر من ذلك المرسى في المحرق. عرفته مواصلا غير قاطع لعادة الزيارات الاجتماعية، وذا مناقب أخلاقية راقية، وكان "عادل" دائم الزيارة والتردد علينا، وخصوصا في العيد يلقي السلام والتهنئة على الجد المرحوم والجدة العزيزة أطال الله في عمرها. ولكن في هذا العيد نحن "عيدنا عليه" وقدمنا له تهانينا بسلامة العودة... تجده على الدوام حاضرا في المناسبات الاجتماعية المختلفة، المفرحة والمحزنة. وقد استجاب الله دعواتنا وأمهاتنا، ولدعاء الوالدة التي كانت تخصه وبقية البحرينيين بغوانتنامو بالدعاء في ليالي رمضان المباركة... وها هو الإفراج عن عادل كامل تم بإذن الله ورحمته، وقرت عيون أهله وصحبه ومحبيه. حمدا لله على سلامة وصول الإخوان الثلاثة، ونذكر بوجود ثلاثة آخرين "جمعة الدوسري، صلاح البلوشي وعيسى المرباطي" مازالوا قابعين في سجون أم الحرية وأخت الديمقراطية وراعية حقوق الإنسان "ماما" أميركا... ولن يهدأ لنا بال ولا يقر لنا قرار إلا بعودتهم جميعا. اللهم فك أسرهم وأرجعهم إلى أهلهم سالمين، اللهم آمين.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1172 - الأحد 20 نوفمبر 2005م الموافق 18 شوال 1426هـ