"نعرف حجمنا. .. ولا نبحث عن دور إقليمي"، هذا ما صرح به وزير خارجيتنا الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة على قناة "العربية" في برنامج "إضاءات" للإعلامي تركي الدخيل. وإن كنت لا أتفق مع الوزير في المطلق العام لهذه العبارة ودلالاتها السياسية والاقتصادية، إلا أني لم أستطع أن أتفهم المحاذير التي ساقت الوزير نحو التراجع إلى هذا الحد! هذا من جانب، ومن جانب آخر، نحن على قناعة تامة بأن إقدام الحكومة على عقد اتفاق التجارة مع الولايات المتحدة الأميركية لم يكن إلا بحثا عن هذا الموقع الإقليمي الذي نحتاج إليه في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى. الأميركيون في الجهة المقابلة، لم يعقدوا مثل هذا الاتفاق إلا رغبة منهم في تخطي الحواجز الجمركية الخليجية أمام البضائع الأميركية، فكانت الولايات المتحدة أيضا تعتقد أن لنا حضورا إقليميا متميزا. وهذا ما جرها إلى توقيع مثل هذه الاتفاق مع بلد صغير لا توجد لديه قوة شرائية مقنعة بالنسبة إلى الشركات المتعددة الجنسيات في الولايات المتحدة. والولايات المتحدة وقعت هذه الاتفاق طمعا في أسواق جارتنا الكبرى "السعودية"، وهذا ما تفهمته مؤسسات المال والسياسة السعودية منذ البدء، وهو ما جعل من السعودية تسارع نحو الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وصولا لتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع الأميركيين. تبعا لمقالات متخصصينا الاقتصاديين في صحافتنا المحلية، وعطفا على ما أفرزته شتى الفعاليات الاقتصادية من بيان خطورة وضعنا الاقتصادي في السنوات القليلة المقبلة، فإننا نتطلع بقوة نحو التحول لتكون البحرين منطقة عبور اقتصادية في الخليج والشرق الأوسط ككل. فإذا كنا مهددين بانقطاع النفط، أو انحسار كمياته في القريب العاجل، وإذا كانت الجارة العزيزة "دبي" تستفرد بأكبر المشروعات الاقتصادية وتحتضن أراضيها أكبر القطاعات المصرفية في آسيا والشرق الأوسط، فإننا في وضع يجعلنا في قمة الاحتياج إلى تغيير استراتيجياتنا الخارجية في التعامل مع دول الجوار بما يحفظ تحالفاتنا الاستراتيجية مع دول الخليج، وتطلعنا إلى أن نكون البوابة لمنطقة مالية استثمارية كبرى عنوانها "المنامة"، نحتاج فعليا أن نمد من علاقاتنا الخارجية نحو جذب المزيد من المستثمرين إلى البحرين، نحتاج دورا إقليميا ودوليا أكثر من أي وقت مضى. كنا نأمل أن نكون المستفيدين من عقد الشراكة الأميركية البحرينية، كنا نأمل أن تكون المنامة هي نقطة الانطلاق لجميع البضائع الأميركية إلى دول الخليج، فتزدهر تبعا لهذه النتيجة قطاعات النقل والشحن والتأمين، إلا أن دول الخليج سارعت تباعا لتوقيع الاتفاقات مع واشنطن، فكنا أصحاب الأسبقية، إلا أنها أسبقية فطنت لها الدول المجاورة وهي تحاول تداركها بسرعة. لابد أن تحاول وزارة الخارجية أن تدعم جهود القطاع الخاص في محاولاته المستميتة لإيجاد بنية اقتصادية أكثر انفتاحا وفاعلية، ولابد أن ننوه أكثر من مرة بأن وزارة الخارجية "بالتعاون مع وزارة الإعلام" مطالبة بإنشاء ما يسمى في المنظومات الاقتصادية الغربية بـ "وكالات الاستعلام"، ولنا في وكالة الاستعلام البريطانية "1947" ووكالة الاستعلام الأميركية "1953" المثال الأفضل. هذه الوكالة لابد أن يعهد لها تسويق البحرين والاستثمار في البحرين دوليا، ولابد أن يكون لغرفة تجارة وصناعة البحرين المساهمة الفاعلة في هذا المشروع. وإذا كان وزير خارجيتنا قد أشار فيما أشار إلى أن الدبلوماسية البحرينية تتأثر بالاقتصاد، فإننا بحاجة منه إلى بذل جهد أكبر في هذا السياق، على ألا تتفرد وزارة الخارجية بهذا الملف الحساس، فالصحافة، وزارة المالية، وغرفة تجارة وصناعة البحرين فاعلون رئيسيون في هذا التوجه، ولابد من أن يسهموا في تفعيله والتخطيط له. إن الدور الذي نبحث للبحرين عنه هو دور ريادي يستطيع جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، وهذه الحاجة الملحة تكبحها قوانين بعيدة كل البعد عن طموحاتنا مثل قانون السجل التجاري "1961"، وقانون العمل "1976"، حتى آخر القوانين "2001"، وهو قانون الشركات التجارية، فهو قانون غير فعال ومخيب للآمال. عفوا سعادة الوزير... نبحث عن دور إقليمي ونتطلع إليه، وننتظر مساهمة وزارتكم الموقرة فيه
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1172 - الأحد 20 نوفمبر 2005م الموافق 18 شوال 1426هـ