تعقيبا على المقال المنشور بصحيفة "الوسط" للأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة لولوة العوضي في صفحة "قضايا" بتاريخ 8/11/2005م تحت عنوان "ردا على ما يطرحه عدد من علماء الدين. .. دعوة الضمانة الدستورية محاولة لعرقلة قانون الأحكام الأسرية" حيث وصفت المطالب العلمائية والشعبية بالضمانة الدستورية لعدم تغيير نص القانون إلا عن طريق المرجعية الفقهية بأنها جاءت من أجل عرقلة إصدار القانون على أساس عدم إمكان اعتبار أحكام الأسرة أحكاما دستورية، إن ما يتم تداوله في شأن هذه المسألة، وأن هذا المطلب قد وضع من أجل تحقيق أهداف أخرى لم تحددها، وقالت إن الضمانة موجودة في المادة الثانية من الدستور والتي تنص على ان "دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع..." وأن إصدار أي حكم أو تعديل لقانون سيخضع لحكم المحكمة الدستورية، وذكرت ان طلب الضمانة يتناقض مع الفقه الدستوري وذلك لأن السلطة الوحيدة المناط بها إصدار القوانين هي السلطة التشريعية، كما تطرقت للفقه الدستوري وعلاقته بالقوانين، وبشأن ذلك نود الإفادة بالآتي: أولا: نود التأكيد قبل كل شيء على أن العلماء قد نادوا بالحوار لمدى طويل في كل الملفات ولم يجدوا جدية في ذلك وفي مسألة أحكام الأسرة وفيما يخص المجلس الأعلى للمرأة لم نتردد في اللقاء بأحد، إذ قمنا بعدة لقاءات وذلك من خلال لقاء سابق جمع بين نائب رئيس المجلس الاسلامي العلمائي السيد عبدالله الغريفي مع مندوبة المجلس الأعلى للمرأة السيدة بهيجة الديلمي، ولقاء سابق آخر حول الموضوع ذاته جمع الشيخ علي سلمان مع بهيجة الديلمي وعدد آخر من عضوات المجلس الأعلى للمرأة، إلا أن تصعيد المجلس الأعلى للمرأة بتوزيع البيانات والملصقات واللافتات لم يكن يصب في هذا الاتجاه إذ يعتبر تصعيدا ضد الفكر الآخر وترهيبا له وقطعا للطريق على الرأي الآخر. ثانيا: لقد صرح المجلس العلمائي بشأن إصدار القانون تكرارا بملء الفم بأن العلماء في البحرين لا يمانعون من اصدار القانون ولكنهم وخوفا على دينهم وحلال الله وحرامه فيما يتعلق بالزواج والطلاق وما يتصل بهما من أحكام وأمور فإنهم يطالبون من أجل ذلك أن يصاغ ويعتمد ولا يغير إلا عن طريق المرجعية الفقهية العليا في النجف الأشرف وبعيدا عن تدخل أي نفوذ أو مجالس منتخبة أو معينة. أي أننا لا نريد إعاقة القانون وليس لدينا مآرب أخرى غير المعلنة، وأن من وضع الضمانة الأبدية للمادة الثانية ولنظام المجلسين يستطيع ان يضع الضمانة لأحكام الأسرة. ثالثا: إن المادة الدستورية المشار إليها أعلاه تنص على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ولم تقل انها المصدر الوحيد وبالتالي فإن تغيير القانون مستقبلا وارد اذا عرض على المؤسسة التشريعية باستخدام بقية المصادر للتشريع، وهل ستحكم المحكمة الدستورية لصالح الشريعة أم للمصادر الأخرى في حال عرض الشكوى أو الاعتراض؟! رابعا: إن تكرار ما تقوله الدوائر الرسمية وما تصرح به من أن المؤسسة التشريعية هي الوحيدة المخولة بالتغيير في القوانين يبعث في نفوسنا القلق من أن تخول في البت في قانون أحكام الأسرة والتي هي أحكام شرعية، وبالتالي فإن مطالبتنا بالضمانة الدستورية لعدم تغييره مستقبلا بعد موافقة المرجعية الفقهية عليه ابتداء يعد حقا لابد من التمسك به ولا مناص منه، وخصوصا أن هذه المؤسسة التشريعية لا تملك الصدقية الكاملة في اتخاذ القرار إذ ان نصفها معين من قبل الحكم كما ان تمثيل النواب فيها لا يعد عادلا بسبب سوء توزيع الدوائر الانتخابية، فكيف تريدوننا ان نطمئن لتشريعات تصدر عن طريقها وخصوصا الاحكام الشرعية؟! خامسا: إن التطرق للفقه الدستوري وعلاقة القانون بالدستور وما إلى ذلك قد لا يقتنع به من عايش فبراير/ شباط 2002م حينما تم تغيير الدستور الشرعي للبلاد واستبداله بآخر مختلف تماما على رغم ان ميثاق العمل الوطني أقر بتغييرين فقط مسمى الدولة ونظام المجلسين مع كون "أحدهما" للاستشارة فقط وليس مختصا بالتشريع، كما لم يؤخذ بالمادة 104 من الدستور الشرعي "1973م" وما ذكره القانونيون والدستوريون البحرينيون من حجج لم يتم الاخذ بها قبال التسليم التام لمقترح شخص أجنبي صاغ الدستور الجديد، وبالتالي فإن الدستور الذي تتطرق له الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هو محل جدل مستمر وبالتالي لا ينبغي ان تتحجج به أو تتخذه ذريعة. سادسا: إن إطلاق الوعود بعدم تغيير القانون بما لا يمس الشريعة هو مجرد حديث للاستهلاك المحلي فقد اثبتت التجارب في التغيير الدستوري وقانون البلديات ومجموعة قوانين أخرى تم التبرير لها والتطبيل إلا ان الواقع يثبت عكس كل ما ذكروه، وبالتالي فإننا من خلال هذه التجربة لن نصدق الوعود ولا العهود إلا بما هو موثق في أعلى المحررات رسمية وهو الدستور.
العدد 1161 - الأربعاء 09 نوفمبر 2005م الموافق 07 شوال 1426هـ