أوشك عيد الفطر المبارك على الرحيل، تاركا خلفه ضجة عارمة بين الناس، لما سببه الاختلاف على هلاله من أحاديث ناقمة على تفكك مظاهر الفرح في كثير من البيوت التي انقسمت على نفسها.

البعض حاول أن يتفهم الواقع وأن يلتمس العذر للعلماء كل بحسب قناعاته الشرعية، بينما البعض الآخر لفرط الحسرة على تشتت أفراد أسرته لم يكتف بكيل التهم والتشكيك في صدقية العلماء (الذين لا ينتمي إليهم) بل راح يؤجج المجالس بإثارة التهكمات والاستنقاص منهم. وهذا ما كنا نخشى منه ووقعنا فيه.

صحيح أنه من حقنا الامتعاض من هذه الظاهرة، ومن حقنا السؤال عن أسباب هذا الاختلاف الدائم والمنحصر في تقدم فئة وتأخر أخرى، بينما لا يحق لاي أحد جر هذه الظاهرة العبادية التي تجمعنا على اختلاف مشاربنا الاسلامية تحت ظلالها الى التجاذبات السياسية أو المهاترات الاجتماعية. لم يعد هناك مجال لتوسيع الهوة بيننا أكثر، إذا لم نستطع فعل شيء على سبيل توحيد الرؤية أو استيعاب هذه الظاهرة التي تقض مضاجع الكثيرين، فعلينا حينها ان نلتزم الحيطة والحذر لكي لا نحيل أعيادنا إلى معتركات سياسية نتقاذف فيها ما لا نتقاذف به طوال أيام السنة.

الجنبة المهمة في كل الامر هي حال الغموض التي يشعر بها الجمهور، مضافا إليها الجهل بتفاصيل المسائل الفلكية الشرعية. والمصارحة الواضحة مع الجمهور من قبل العلماء لو حدثت ربما ستمتص حال الغضب في كل مرة يختلف فيها العلماء. فالبيانات التي إن صدرت من البعض تكون بيانات مقتضبة لا تفصيل فيها لأسباب الثبوت أو عدمه. لذلك، ماذا لو سعت كل جهة مسئولة في كل مرة إلى تضمين بياناتها بعض التفاصيل التي يجهلها العوام من الناس من أسباب ثبوت رؤية الهلال وعدد الشهود وأسباب قبول شهادة الشهود أو رفضها ؟ ربما بهذه الطريقة نخلق وعيا جماهيريا على الأقل سيخفف من وطأة الاختلاف على نفوس الناس