ما من دليل حتى الآن يؤشر على أن التيار العريض المقاطع للانتخابات النيابية السابقة في العام 2002م، سيتجاوز فشل المقاطعة عندما يحاول اللعب من خلال خيار المشاركة في المجلس النيابي المقبل بعد أشهر معدودات من الآن. ثلاث سنوات من التجربة البرلمانية تثبت يوما بعد آخر أن المقاطعة ميعت تماما كما هي المشاركة، والسبب في كلا الحالين واضح جلي لا يحتاج إلى كبير عناء للوقوف على حقيقته، وهو عائد بالدرجة الأولى إلى غياب أي برنامج عمل سياسي واضح المعالم أولا، وقابل للتطبيق ثانيا لدى التيار المقاطع، فالناس البسطاء - وهم الغالبية - ملوا التظاهرات والمسيرات والعرائض والاحتجاجات. خيار المقاطعة كان له أن يحقق انتصارا جزئيا لولا فشل بعض القائمين عليه في توجيهه نحو الدفة الصحيحة، ولكن الكارثة الكبرى التي ستحل على أبناء هذا التيار عندما يشارك المقاطعون من دون أية رؤية للمشاركة، ومن دون أجندة سياسية محددة، ومن دون الاستئناس بالآراء المختلفة. لقد ارتكبنا خطأ عندما وقفنا على شرفة نطل بها بحسرة ومرارة على المشاركين الذين حول الكثير منهم مشاركته إلى جرم لا يغتفر من خلال مبادرات سيئة لا تعكس سوى محدودية الأفق وضحالة التفكير. المشاركة والمقاطعة ليست مشكلتنا الرئيسية، بقدر ما هي تجسيد لأزمة جزء كبير من هذا الشعب الذي عانى طويلا بسبب الاقصاء والتهميش المقصود تارة، وبسبب التخبط وسوء التخطيط مرات ومرات!
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ