تتسارع الخطوات التي تتخذها البحرين وبقية دول مجلس التعاون الخليجي للدخول في اتفاقات دولية تفرض عليها بدورها اتخاذ المزيد من الإجراءات للانفتاح الاقتصادي وتحرير الأنشطة التجارية والاستثمارية والمالية وغيرها. فالمملكة العربية السعودية - وهي تمتلك اكبر اقتصاد خليجي - تستعد للانضمام رسميا إلى منظمة التجارة العالمية خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل خلال المؤتمر الوزاري للمنظمة في هونغ كونغ بما يعنيه ذلك من التزامات تجارية واقتصادية عدة. بينما تتجه معظم دول المجلس لتوقيع اتفاقات للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة. وعادة ما تفرض هذه الاتفاقات التزامات وتعاقدات أكبر مما تفرضه منظمة التجارة العالمية من حيث درجة تحرير الأنشطة الاقتصادية "السلع والخدمات" والالتزام بحقوق الملكية الفكرية والشفافية وتطوير التجارة الالكترونية وقوانين العمل وحماية البيئة وغيرها. كما تتجه دول المجلس وبشكل جماعي لتوقيع اتفاقات التجارة الحرة مع الكثير من المجاميع الاقتصادية والدول وفي مقدمتها اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وعلى ضوء هذه التوجهات والاتفاقات، شهدت البحرين خلال السنوات القليلة الماضية تداول وتنفيذ الكثير من التشريعات والقوانين الهادفة الى تحرير التجارة والاقتصاد في خطوات استعدادية لما ستفرضه اتفاقات منظمة التجارة العالمية على الدول خلال السنوات العشر المقبلة، وكذلك اتفاقات التجارة الحرة من تعاقدات والتزامات تفرض بدورها اتخاذ الكثير من الخطوات والاجراءات الرامية الى فتح اقتصاداتها امام العالم. وقد شملت هذه التشريعات والقوانين عدة مجالات حيوية مثل الخدمات المالية والاستثمار الأجنبي والوكالات التجارية علاوة على خدمات الاستشارات والمحاماة والتأمين على الحياة وخفض الجمارك على السلع. وواجهت معظم التعديلات الهادفة الى تحرير التشريعات والقوانين الخاصة بهذه الانشطة معارضة وتمنعا ولا سيما من قبل القطاع الخاص أو أصحاب الأنشطة المعنية فيما حاولت الجهات المختصة توضيح اهداف هذه التعديلات ولعل آخرها ما نسمع عنه ونقرأه في الوقت الحاضر عن التعديلات المقترحة على قانون الوكالات التجارية وقوانين الاستثمار الاجنبي وقوانين سوق العمل والملكية الفكرية. على اية حال اذا كان هذا كله مفهوما، حيث هو الحال في معظم دول العالم، فإن الامر الذي لا يثير الارتياح بالدرجة المطلوبة هو ما نلاحظه من عدم حصول البحرين وحتى بقية دول مجلس التعاون الخليجي على أية استفادات او مزايا ملحوظة حتى الآن مقابل ما قدمته وتقدمه من خطوات بموجب قواعد واجراءات التحرر الاقتصادي. ويمكن الاستدلال على ذلك من ارقام الاستثمارات الأجنبية المستقطبة لدول المجلس والتي لم تتجاوز نسبتها 0,08 في المئة من مجموع قيمة الاستثمارات الأجنبية المتدفقة حول العالم خلال العام .2004 بل ان اهم سلعة - وهو النفط - والتي يمكن ان تستفيد دول المجلس من خضوعها لقواعد التحرر الاقتصادي لم تدخل ضمن اتفاق منظمة التجارة العالمية حتى الآن. لذلك لابد ان تتوقف دول المجلس امام هذه القضايا وتبحث بجدية ما تقبضه من اثمان مقابل ما تقدمه من تنازلات وتضحيات تلبي متطلبات النظام العالمي الاقتصادي الجديد
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1151 - الأحد 30 أكتوبر 2005م الموافق 27 رمضان 1426هـ