المراقب للساحة السياسية هذه الأيام وعلى صعيد الحركة النسائية يعتقد أن هناك سباقات محمومة لمشاركة المرأة في العمل السياسي، ولاسيما أن الانتخابات العامة باتت على الأبواب. ويمكن استقراء ذلك من خلال اللافتات التي وزعها المجلس الأعلى للمرأة ضمن مشروع التمكين السياسي للمرأة "معا نبني الوطن"، والتي زينت بها شوارع البحرين الرئيسية والطرق العامة في المحافظات كافة، والتي تحمل بين طياتها شعارات رنانة مصاغة بطريقة تستطيع من خلالها مخاطبة مشاعر الناس وأحاسيسهم، ولكن الأمر في واقعه لا يبدو كذلك فلم يعد يفصلنا عن الانتخابات العامة "البلدية والنيابية"، سوى بضعة أشهر، والوقت بالنسبة للعمل السياسي حتى وإن كان طويلا لا يقدر بشيء، فما بالكم بأن الأمر هذه المرة يختلف لكونه يتعلق بانتخابات تشريعية وبلدية.
تساؤلات كثيرة
الأمر الغريب، أنه ظاهريا... الأمور تبدو أن هناك خطوات متقدمة، ولكن مازلنا إلى الآن لم نخطوا خطوات عملية. فعلى سبيل المثال لم نسمع عن أسماء مرشحات للمجالس المنتخبة، ولا نعرف إلى ماذا يرجع السبب؟ فهل يدل ذلك على تخبط وقلة وعي؟ أم يدل على تردد واستحياء؟ أم يدل على برود وتلكؤ من أصحاب القرار "الراغبات في الترشح"؟ أم أن ذلك يعكس مدى انشغال الجمعيات السياسية بالضربات الموجعة التي تسددها الحكومة في خاصرة هذه الجمعيات، وبالتالي لا وقت يسمح بترتيب البيت الداخلي؟ أم أن الوقت لايزال مبكرا، وبالتالي لا معنى من الإعلان عن الأسماء في الوقت الجاري؟ أم أن البعض لا يؤمن بأهمية التهيئة النفسية والمجتمعية للمرشح؟ أم أن البعض يراهن على عنصر المفاجأة وأهميته؟ ربما يحتاج الأمر إلى تأن ونضوج، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى؟ سمعنا عن أسماء أو تسريبات للصحافة، إذ إن إعلان الأسماء لم يكن عبر تصريح من أصحاب القرار، ولكن لم يتم التأكيد عليها، بل ان بعضها من خلال مصادر مطلعة نفت ذلك، على رغم أنه لابد من الآن الإعلان والتصريح عن رغبتهن في خوض الانتخابات والاستفادة الحقة من الوقت بشكل كاف. واحدة من أهم أسباب فشل المرشحات في الانتخابات السابقة 2002 والتي وضعنا يدنا عليها عند تحليلنا لأسباب فشل المرشحات، هو قصر مدة الإعلان عن الانتخابات وإدارة الحملات الانتخابية. أتصور اننا في هذه المرحلة تحديدا بمقدور المترشحات الاستفادة من العقبة هذه وتسخيرها لصالحهن. وأتصور أن النساء المستقلات والراغبات في الترشح يستطعن التبكير في ذلك لأمرين، الأمر الأول: أنهن لا ينتظرن قرار مؤسسة، والأمر الثاني ربما تكون حظوظهن في الفوز بسيطة وبالتالي يحتجن إلى وقت أكبر لإدارة حملاتهن الانتخابية، وبمقدورهن عمل ذلك من الآن من خلال الاطلاع على تجارب المرشحات السابقات ومن خلال عمل التحالفات وغيرها من تكتيكات انتخابية، إلى جانب النساء الراغبات في الترشح واللاتي ينتمين إلى تيارات مشاركة، أي لا ينتظرن قرار المشاركة من عدمه، وبالتالي الصورة لابد أن تكون أكثر وضوحا. جمعية المنبر الإسلامي على سبيل المثال صرحت أكثر من مرة عبر الصحافة برغبتها الحقيقية في دعم مرشحات للانتخابات المقبلة "2006"، وأعلنت فور وصول امرأتين إلى مجلس الإدارة باعتمادهما كنساء مرشحات للمجالس المنتخبة، ولكن بعد فترة وجيزة كان هناك تصريح آخر ينافي ذلك، أي أن الجمعية لم تعتمد إداريات الجمعية كمرشحات ولكنها على أي حال من الأحوال تدعم وجود المرأة في العمل السياسي، وإن الجمعية ستدعم مرشحات للانتخابات المقبلة وفق اشتراطات محددة وإلى الآن لم نسمع عنها شيئا. جمعية العمل الوطني الديمقراطي، جمعية قاطعت الانتخابات النيابية ولكنها شاركت في الانتخابات البلدية، وإلى الآن لا نعرف العناصر النسائية التي ستعتمدها الجمعية كمرشحات للعمل البلدي، وغيرها من الجمعيات الأخرى التي أتصور أن قرارها النهائي قد حسم بشأن مشاركة المرأة في المجالس البلدية كجمعية المنبر التقدمي وجمعية التجمع القومي، باستثناء جمعية الوفاق الوطني الإسلامية التي إلى الآن لم تحسم إدارتها قرارها النهائي بشأن مشاركة المرأة في المجالس البلدية من عدمها، ولاسيما بعد رؤية الشيخ عيسى قاسم بشأن مشاركة المرأة في العمل البلدي إذ يرى أهمية ابتعاد المرأة عن المشاركة في العمل البلدي، نظرا لما يشوبه من تعقيدات ميدانية وعدم وضوح آليات عمله، إلى جانب تداخل الاختصاصات والصلاحيات وخصوصية العمل البلدي. المرأة الكويتية حصلت على حقها السياسي حديثا، وعلى رغم ذلك نجد هناك نضجا سياسيا لدى نسائهن، بدليل ان الانتخابات التشريعية لمجلس الأمة في العام 2007 ولكن من الآن تم الإعلان عن بعض الراغبات في الترشح مثل رولا دشتي وفاطمة العبدلي وخولة العتيقي وخديجة المحميد... وغيرهن، وهن من الآن يدرن حملاتهن الانتخابية، وأعتقد أن المرأة الكويتية ستصل بالانتخاب على رغم الصعوبات القائمة وعلى رغم حداثة التجربة، لأنهن استطعن استغلال الإعلام والصحافة في سبيل تمرير رسالتهن وأهدافهن. * كاتبة بحرينية
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1145 - الإثنين 24 أكتوبر 2005م الموافق 21 رمضان 1426هـ