لم يخبرني صاحبي أنه توجه في الأيام الماضية إلى طبيب نفسي. كعادته في إخفاء كل شيء يظن أنه سيسبب له الإحراج مع الآخرين. وانما اكتشفت ذلك من خلال مكالمة هاتفية كان يتكلم فيها مع الطبيب، إذ نسي صاحبي - وجل من ينسى - حرصه - لدقائق معدودة.

ولكنني لم أشأ حقيقة أن أزعج صاحبي بسؤاله عن ذلك وخصوصاً أنه إنسان حساس يتأثر بأقل كلمة إلى الدرجة التي تنزل فيها دموعه من دون قدرة على كبتها.

ولكن الأمر الذي أثارني في الموضوع أنه توجه إلى الطبيب النفسي في شهر رمضان المبارك. ولم أسأله لكي أعلم سبب هذا التوقيت وهل كان توقيتاً مقصوداً أم جاء بفعل ضعف مؤقت. ذلك أن كل ما علمته أنه توجه إلى الطبيب النفسي وهو مصر على ذلك من خلال استماعي لمكالمته وأنا أسوق السيارة.

ولكنني لم أشأ أيضاً ألا أشارك صاحبي في حل مشكلته وخصوصاً أنه يشكو قلة نومه وكثرة سرحانه. فقمت بحركة لطيفة من أجله، إذ توجهت إلى المكتبة واقتنيت كتاباً عن شهر رمضان المبارك وأثره في تهدئة النفس وطمأنتها وحتى أدلل لصاحبي على مدى اعتزازي وتقديري له فراغت نفسي على مدى يومين فقرأت الكتاب واليوم الثالث كان كافياً لتلخيص أهم نتائجه. ومن ثم أرسلت إليه ما لخصت من الكتاب وانتظرت ما يحدث.

ويبدو أن انشغال صاحبي بنوبات العمل غير المنتظمة جعله ينقطع عن رؤيتي لعدة أيام وخصوصاً أنه لايزال حتى هذه الساعة منتظماً في الدراسة أيضاً. حتى تلقيت اتصالاً من صاحبي ودعوة منه إلى سحور.

فرغت نفسي والتقيت صاحبي في مطعم جميل وحديث من القلب إلى القلب بدأ صاحبي بقوله: «قرأت ما بعثت لي وكان موضوعاً شيقاً ومفيداً وان كنت في الحقيقة قرأت هذا الكتاب من قبل. «القلق وشهر رمضان المبارك» يا له من عنوان كبير.

ولست بحاجة إلى شكري فأنت تعرف مقدار معزتك في نفسي. ولكنك يا صاحبي غفلت عن شيء مهم كما غفل صاحب الكتاب أيضاً. ان من كتب الكتاب كان يتكلم عن أولئك المخلصين والراغبين في القرب من الله أما من اختار البعد عن ربه فسيظل يعاني القلق حتى الموت