خصائص شخصيته الكاريزمية، ووفرة علاقاته على المستوى المحلي والإقليمي تمثل الوجه المشرق للسلفية وله شخصياً. أسلوبه الراقي في التعبير عن أفكاره وما يؤمن به، كل ذلك يسهل تموضعه، شاء أم أبى، في موقع الشيخ الرئيس للسلفية في البحرين. وكم يتمنى المرء أن يقدره القوم حق قدره.
ينطلق المعاودة من فضاء واسع للبحرينيين جميعاً، وذلك ما لمسته عن قرب، فالأصل لدى الشيخ: استباق الخيرات لكل الناس، مرتكزاً على قاعدة عظيمة، عادلة، عاقلة أرساها شيخ الإسلام ابن تيمية وهي: «العدل مع من نحب ومن لا نحب». ويكفيه فخراً تقديمه قانون الضمان الاجتماعي؛ إن تم تطبيقه!
هناك لوبيات تعمل داخل الجمعيات، وأعتقد أن اللوبي المضاد لخط المعاودة والدعم الخارجي الذي عزّز الضدية والإقالة الإرادية للمعاودة، أي من مجموع المتحالفين ضد خطواته في التطبيع الاجتماعي والمفاهمة السياسية مع بقية التيارات والتنظيمات العاملة في ساحة الوطن، هذا اللوبي الاقصائي التهميشي، الذي قام بتدبير الانقلاب الأبيض على المعاودة، قد تكون تحركاته جاءت بحسب رغبات أو أوامر أو إيحاءات أو على أقل تقدير مباركة «من فوق»، إذ واجه المعاودة أحد المسئولين بصمود جبار فيما يخص «البونس الحكومي»، مخالفاً ما تعارف عليه لدى الآخرين عن جماعته أو عنه شخصياً.
المعاودة، على رغم ما قدم وما أسس له من كيان اجتماعي قوي في البحرين، ساهم في مساعدة الناس مادياً، وحفظ الله بهذا الكيان جزءاً أساسياً من العقيدة الإسلامية ومذهب أهل السنة والجماعة، على رغم كل ذلك احتفظ المعاودة بعد إقالته بهدوئه وانسحب على مضض، أو هكذا يبدو للمتابع لدراماتيكية تطور الحوادث في جمعيته.
الإشكالية التي يواجهها التيار السلفي الأصلاوي - بحسب ما أعتقد - ناتجة عن تقدير خاطئ في الموقف والقرار السياسي «ويدل الموقف السياسي على رأي أو وجهة نظر» في زمن ما، وفي السياسة - غالباً - يكون توقيت القرار عاملاً مهماً في تقدير صحته أو خطئه وما يصلح اليوم قد لا يصلح غداً، وهكذا. وهذا ما تمت مناقشته باستفاضة مع المدافعين عن قرار إقالة المعاودة كالأخ الشيخ إبراهيم بوصندل (أمين سر جمعية الأصالة) في مرات عدة.
إن الدور السياسي للقادة السياسيين له صلة وثيقة بالموقع السياسي، فالمعاودة (نائب رئيس مجلس النواب) وبالمكانة الاجتماعية (رئيس جمعية خيرية اجتماعية لسنوات طويلة)... هذه المكانة التي يحتلها هذا الرئيس أو القائد، لذلك جاءت إقالته وكأنها محاولة «حرق» للرمزية التي تموضع فيها الشيخ المعاودة، فكانت ذات أثر كبير على الجماهير العريضة للتيار والجماعة الكبيرة التي تحتضن هذا التيار. بل وأكثر من ذلك، إن قرار الإقالة «الإرادية» بصرف النظر عن تسبيبه فالاسباب لها مقام آخر غير مقالنا هذا، المهم أن هذا القرار غير محسوب بدقة سياسية مستقبلية.
قد لا أتفق مع الشيخ المعاودة في كثير من المواقف، لعل أبرزها طبيعة العلاقة مع السلطات الحاكمة ولست وحدي في ذلك، فإنني أرى - متواضعاً - أن جمعية الأصالة لم تتعاط سياسياً مع السلطة الحاكمة مقارنة بحجمها الطبيعي، وانما تعاطت معها كعلاقة التابع بالمتبوع. من الناحية الاجتماعية، جميع البحرينيين مكملون لبعضهم بعضاً وأولاد عم، ولكن من ناحية المدافعة عن المصالح والمكتسبات وتوزيع الثروات، هنا يختلف الأمر، وذلك ما لم تستطع الأصالة التفريق فيه، فاختلط لديها الاجتماعي بالحقوقي والسياسي والاقتصادي.
قد اختلف مع الشيخ المعاودة في بعض مفاصل العمل السياسي واحترامه وتوقيره محفوظ، هو أو غيره كلهم مقدرون وعلى «راسي». وأخيراً، فإنني أنقد أداءه السياسي وقلبي ينبض بحبه، هذا هو المعاودة... و«القلوب شواهد»
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1142 - الجمعة 21 أكتوبر 2005م الموافق 18 رمضان 1426هـ