اعتبر خبراء في شئون الشرق الأوسط أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس - الذي زار البيت الأبيض مرتين في ظرف خمسة أشهر - غادر واشنطن أمس الأول خالي الوفاض تقريبا، على رغم تأكيد الرئيس الأميركي جورج بوش دعمه له. يعول قادة «الدول المستضعفة» من قبل أميركا وحلفائها كثيراً على لقاءاتهم مع «قائد العالم الحر» بوش، وتحظى هذه اللقاءات بزخم إعلامي «مزعج» قبل حصولها، غير أنها تنتهي وقد تضاعف إحباط شعوب هذه الدول، والأدهى من ذلك أن الضغط يزداد من قبل الإدارات الأميركية المختلفة على هذه الدول أكثر في جوانب مختلفة. فعلى رغم كل المعاناة الفلسطينية التي لا تحصى نتيجة لعقود الاحتلال إلا في آلاف المجلدات على الأقل، فإن كل ما تفضل به بوش أنه قال إن على «إسرائيل» إيقاف توسيع الاستيطان وهو أمر لم ولن يحدث، وأمر الرئيس الفلسطيني أن يضغط أكثر على مقاومي الاحتلال ليحمي «إسرائيل». وزاد على ذلك بأن رفض التعهد بإقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته في يناير/ كانون الثاني . ويعتبر خبيران - بعد رفض التعهد - أن «خريطة الطريق» التي ترعاها اللجنة الرباعية (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة) والتي تنص على إنشاء دولة فلسطينية في العام لم تعد موجودة فعليا.

ويقول مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز البحوث الاستراتيجية والدولية جون الترمان إن «(خريطة الطريق) لم تعد فاعلة لكن لم يتم وضع خطة بديلة لها». ويضيف جفري ارونسون «حتى الرئيس (الأميركي) الذي وضع خريطة الطريق وكان ملهمها لم يعد يشعر انه معني بجدول زمني وضعه بنفسه». ويضيف «هذا يظهر لكل من يظن أن (خريطة الطريق) مازالت قابلة للتطبيق أنها لم تعد موجودة وعليهم الاعتراف بذلك».

ويقول مدير مؤسسة «مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط» ديفيد ماكوفسكي إن إدارة بوش «تبدو مهتمة أكثر» بمسائل أخرى مثل «العراق وكاترينا والاقتصاد». ويقول الخبراء إن التقدم الأساسي الذي تم إحرازه هو إعلان احتمال تمديد مهمة الرئيس السابق للبنك الدولي المكلف الإشراف على عملية الانسحاب الإسرائيلي من غزة جيمس ولفنسون والتوصل إلى حلول من شأنها تسهيل التبادل التجاري بين غزة والدول المجاورة.

الفلسطينيون يدركون حقيقة هذا الوضع تماما، ولكن هذا هو عالم السياسة، ومن يدخله لابد أن يستحمل غصاته وخصوصاً أن «الدول المستضعفة» ليس لديها خيار آخر