مثل الرئيس العراقي السابق صدام حسين وسبعة مسئولين آخرين في نظامه أمام العدالة أخيراً، وذلك في تهمة واحدة من مجموع تهم عدة تتعلق بالابادة الجماعية لمواطنين عراقيين. ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: هل كان مثول الدكتاتور السابق نموذجا أم تحول إلى مسرحية هزلية ذات أبعاد سياسية؟ وعلى رغم أنه لا يختلف محايدان في أن صدام ارتكب في عهده فظاعات كبيرة تستحق إنزال أقصى العقوبة الفورية بحقه فإن إجراء هذه المحاكمة تحت الاحتلال الانجلو - أميركي قلل من أهميتها في نظر الكثيرين وجعل منه بطلا أسيرا تكالبت عليه الأمم الغربية وغزت بلاده بصورة همجية.

فمنذ البداية كان ينبغي أن يتم التخطيط الجيد لهذه المحاكمة بحيث تكون نموذجا يحتذى تجاه أي حاكم استبدادي في أية بقعة في العالم فيما لو كانت محايدة تماما (ما دفع صدام لمهاجمة القضاة والاحتجاج بالمبدأ القائل إنه كل ما بني على باطل فهو باطل)، ولم تستخدم من أجل الحصول على مكاسب سياسية. وتوقيت الحادث مع الاستفتاء على مسودة الدستور العراقي الجديد ربما يكون له تأثير ايجابي وسلبي على حد سواء. فمن ناحية، يفترض أن يؤيد أولئك المتضررون من عهد صدام مشروعات الحكومة العراقية الحالية وخططها المستقبلية والتصويت لكوادرها في الانتخابات المرتقبة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل. ومن ناحية أخرى، ربما استفز مثول صدام أنصاره وبالتالي بدلاً من انخراطهم في مشروع المصالحة الوطنية الذي ترعاه الجامعة العربية، يلجأون إلى أعمال العنف. وليس بالضرورة هنا أن يكون أنصار الرئيس السابق أعضاء ملتزمين في حزب البعث المنحل بقدر ما هم جيل كل ما اقترفه أنه نشأ وترعرع في ظل حكومة شمولية ذات قبضة حديد.

ومع أن محاكمة صدام بهذه الطريقة العلنية قد تدفع باتجاه مزيد من الرؤية النقدية للحكام إلا أن هناك من يرى أنها لن تؤدي إلى استخلاص العبر من خلال كشف دكتاتورية البعث لأنها جرت تحت إشراف أعداء صدام السابقين الذين هم حكام العراق اليوم. فهي كما يقولون عدالة المنتصر تحت العباءة الأميركية.

وخلاصة القول: إن الرئيس المخلوع يبدو أنه سيشرب من ذات الكأس التي طالما سقى بها غيره في الماضي، ولكن يجب أن تكون محاكمته خالصة حتى لا تكون تصفية حسابات تاريخية ودليلاً إضافياً على إهانة جزء من الشعب العراقي