السلفية تنقسم إلى ثلاثة أنواع أو أربعة، إلا أن القارئ العادي "غير المتخصص" قد يختلط عليه الأول بالثاني أو الثاني بالثالث وهكذا، الجامع المشترك الوحيد هو الالتقاء على الكتاب والسنة "الأحاديث الصحيحة"، وبعد ذلك كل بحسب فهمه للتفاسير ومدى استيعابه للظروف المحيطة بها. سلف الأمة الصالح، أي الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، كانت لهم رؤيتهم وتحليلهم للظواهر والحوادث التي مروا بها، فهذا ابن عمر "رض" يقول: "ذاك على ما علمنا وهذا على ما نعلم"، بمعنى أن تلك الفتوى على ما علمنا "الماضي" والفتوى الحالية أي في القضية الماثلة أمامه "الحاضر" على ما نعلم، أي على مجموعة الشواهد والخواص المتعلقة بالقضية. وهذا شيخ الطريقة وإمام الحقيقة الشافعي "رض" يوصي تلميذه المزني بقوله: "انظر لنفسك فإنه دين". ودائما يقال في المدونات التاريخية: قال الشافعي في القديم وقال الشافعي في الجديد، في إشارة إلى مذهبي العراق ومصر. وهكذا فإن الفتاوى تختلف من عصر إلى عصر، ومن قوم إلى قوم، ومن واقع إلى آخر. هناك تمايز واضح جلي لدى التيارات السلفية المختلفة، ويتضح ذلك في بعض الحوادث والملمات، ويتمظهر هذا التمايز بشكل فاقع حين الحديث عن فقه الواقع "السياسي والاجتماعي". وكمثال: ترى جمعية التربية "الأصالة" أن المشاركة في الانتخابات إنما من باب دفع الضرر والمفسدة، في حين ترى جماعة أخرى أن المشاركة هي أصلا مفسدة في حد ذاتها، وكما يقولون: من خالطها "السياسة" خالطها بوزر وعليه أن يتوب، وجماعة أخرى ترى عدم المشاركة ليس لأنها مفسدة أو دفع مفسدة، بل إنه مجرد المشاركة في الأنظمة القائمة على خلاف الشريعة "على الدساتير الوضعية التي هي من صنع الكفار، بريطانيا وفرنسا" غير جائزة، فما بالك بمشاركة الناس وتصويتهم على قوانين وضعية قد تخالف الشريعة الإسلامية، فمن باب أولى عدم المشاركة من الأساس. الشيخ عادل المعاودة، رمز السلفية المشاركة، ساهم في الانتخابات البلدية والنيابية، ولسنا في وارد تقييم شامل أو تتبع احصائي لتبيين جدوى المشاركة في الانتخابات. ولكن بشكل عام ومقارنة بما كان قبل المجلس النيابي وبعده، تعتبر نتائج المشاركة في الانتخابات "النيابية بالتحديد" باهرة. وكذلك إذا ما قسناها على قاعدة "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح". فمشاركة التيار السلفي في الانتخابات والنتائج التي حققها، تعدت درء المفاسد "سلبا" أي الصد فقط، ووصلت إلى جلب المصالح "أي المدافعة الإيجابية"، وتم قطف ثمار متعددة منها: اسماع صوت الناس للحكام والمسئولين ومحاولات رفع الظلم والجور عنهم وتحقيق العدل والمساواة. المعاودة، حاول جاهدا أن يعيد صوغ المفاهيم لدى جماعته، وهذا الأمر صعب، وقد أوذي من قبله الكثير من المصلحين، ولكن عليه أن يحتسب الأجر والثواب في عمله هذا فالأمر دين، والإصلاح طريقه شاق وطويل ولا يتم بين يوم وليلة إطلاقا ألبتة، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار المزاج العام والشعور المتراكم سنين مديدة، لدى هذه الشريحة من الناس التي تريد إصلاحها وتغيير مفاهيمها وتوجيه بوصلتها ناحية مسار السلم الاجتماعي/الأهلي. كما يجب أيضا الأخذ في الاعتبار ما تقوم به بعض الجهات من إثارة الفتن في المجتمع وداخل الجمعيات... وللحديث بقية.
عطني إذنك...
لا يعني المثل في العمود السابق تشبيها لأي إنسان، أي إنسان، أو الحط من قدره، ولكني كتبت المثل لأبين أن كلمة "الشيخ" تطلق على كل شيء! ومازلت عند رأيي حتى أشهد اختفاءها من تعبيرنا اليومي. فهي تستخدم في واقعنا الحاضر مع العالم وشيخ الدين وطالب العلم "الشرعي"، وتطلق على السياسي في البرلمان والكاتب والسائق والبواب وقاطع لحم "الشوارما"... إلخ، ولكن البعض، هرول ناحية قلوب الناس استدرارا لعطفهم ممثلا دور الضحية! سبحان الله... هو يشتم ويحقر ويتهم الناس في عقائدهم، ويكون من الشاهدين ومن المتآمرين في الليالي الظلماء، ويطعن في الظهر باللمز من تحت طرف خفي، كل ذلك حلال عليه؛ فقط لأنه: شيخ
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1139 - الثلثاء 18 أكتوبر 2005م الموافق 15 رمضان 1426هـ