الدول الحديثة دائماً ما تتفاخر بحداثة نظمها التي تواكب سرعة رتم الحياة في الوقت الحاضر... والدول الحديثة تتفاخر أمام الدول الأخرى بعقلية مواطنيها المتفتحة والتي تستوعب سرعة التطور وتستطيع مواكبته وتتغير معه وبنفس سرعته... ونحن هنا في مملكة البحرين وكمواطنين نكن الكثير من الحب والولاء لمملكتنا ونريد لها سرعة التطور إلى الأحسن والتقدم إلى الصفوف الأمامية للدول المتقدمة... نريد ونتمنى ولكننا دائماً ما نصطدم بعقليات متحجرة في غالبية الدوائر الحكومية، عقليات بيروقراطية وجامدة لا يمكنها أن تقرأ... وإذا قرأت فإنها لا تفهم ما قرأته بكل تأكيد... هذه العقليات البيروقراطية لا تعلم أن الوتيرة الاقتصادية هي المحرك الحالي للسوق والمعيشة البحرينية، وإذا تحرك السوق فإنه يحرك معه المجتمع وإذا وقف السوق وقف المجتمع وأفلس... ومن هو المجتمع؟ هو أنا وأنت، هو نحن جميعنا أفراد الأسرة البحرينية الذين نريد أن نعيش أو نحاول جاهدين أن نعيش ونطور من بلدنا ومن إمكاناتنا بقدر استطاعتنا ولكننا نصطدم بالعقليات البيروقراطية الموجودة مع الأسف في بعض الدوائر الحكومية في الوزارات الخدماتية والمرتبطة بمصير شئون المواطنين الحياتية والوظيفية... تأتينا هذه العقليات الجامدة والمتحجرة لتقلب وتنسف أشياءً كثيرة من مبادئ السوق والمعيشة وحتى الدراسة والعلم (مثلما طلب أحد نواب العقل الصحيح بإعطاء إجازة لطلبة المدارس في الخمس الأواخر في شهر رمضان المبارك)... ألا يعلم هذا النائب أن غالبية المدارس مرتبطة بجامعات أجنبية؟ وهذه الجامعات تعترف بشهادات مدارسنا فقط على أساس الدوام السنوي يكون مئتان وثمانون () يوماً دراسياً وإذا كانت أقل من ذلك فإنها تفقد الاعتراف بها... لا أعتقد بأن النائب يعلم ذلك... ومثال آخر على العقول المتحجرة والتي لا تقبل التغيير هي عقول بعض من قضاتنا الأفاضل في وزارة العدل... هؤلاء القضاة أصبحوا مثل الأعمى الذي فتّح على رؤية الديك ثم عاد أعمى مرة ثانية... بعض القضاة وعند حصول أية منازعات أو شكاوى بين طرفين لا يعرفون إلا مكاتب المحاسبة المالية لاستشارتهم في الحل... وهي الديك السحري بالنسبة إلى جميع القضايا المرفوعة في محاكم البحرين والذي سيحسب للقضاة من المخطئ وما هو الحُكم... نزاع على أرض، عيّن شركة محاسبة... نزاع على صبغ سيارة، عيّن شركة محاسبة... نزاع على رغيف عجين ولا يؤكل، عيّن شركة محاسبة... يعني كيف يمكن لشركة محاسبة أن تقوم بحل جميع المنازعات والمثل البحريني يقول «إعط الخباز خبزك ولو أكل نصفه»... والمفترض من قضاة المحاكم أن يلجأوا إلى خبراء في كل عمل تحصل فيه المنازعات.
والبيروقراطية دائماً معششة في قرارات وزارة العمل، فإذا هرب عامل من صاحب العمل وأبلغ عنه في وزارة العمل فهي تطلب منه مبلغ مئة دينار (لا أعلم لماذا) وإذا حصل ورجع هذا العامل معتذراً إلى صاحب العمل بعد فترة قصيرة (ولو كان يوماً واحداً بعد البلاغ وتسليم المئة دينار) وتوجه صاحب العمل المشتكي إلى الوزارة لإلغاء البلاغ واسترجاع المبلغ فإن طلبه مرفوض وهو مجبر على تسفير العامل وإلغاء رخصة عمله، ثم عمل رخصة جديدة للعامل نفسه وبرسوم جديدة تكلفه المبلغ الفلاني وتذاكر طائرة ذهاباً وإياباً حتى يتمكن بعدها من استرجاع المئة دينار... شوفوا كيف أصبح العقل البحريني المتحجر الذي يرفض الإبداع
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1138 - الإثنين 17 أكتوبر 2005م الموافق 14 رمضان 1426هـ