"يرى 80 في المئة من الأميركيين، أن الصحافة أخذت من الحرية ما يزيد عن حاجاتها، وانها أحيانا تتبجح" الصحافيون، هم من يسببون المشكلات للآخرين، من قد يحرفون الكلم عن مواضعه جراء استعجالهم في تسليم موادهم، وهم من قد تأخذهم آراؤهم الخاصة نحو تزييف الوقائع، وهم من يخضعون أحيانا تحت ضغوط متعددة، فيجعلون من السيئ حسنا، أو يهملون ذكر ما هو حسن، بل قد يتمادون بوصف الجميل بالقبح، وهم أحيانا يتلاعبون بمشاعر الناس، وبمصالحهم الحيوية. السؤال، كيف تستفز الصحافي؟، وكيف تجعله يعيد حساباته؟ وكيف تقتص منه؟، وكيف تلعب بأوراقه، وتحوله من الإنسان المتعالي الى ذلك الضعيف الذي يحاول تبرير مواقفه؟ أحد الكتاب الأميركيين كتب مقالا مهما في هذا السياق، وذكر بعض الاستراتيجيات في استفزاز الصحافيين، أخذنا منها البعض وأضفنا البعض الآخر، أملا منا في القليل من "معاقبة الذات". هذه 11 استراتيجية خاصة، لتقويض الصحافي، ولربما تحطيمه!
أولا: أنت وصحيفتك تكذبون
الصحافي محور عمله البحث عن الحقيقة، والصدقية هي إحدى القيم الإخبارية الأساسية التي من المفترض أن يلتزم بها، وحين تتهمه بالكذب، فإنك تجعله خارج أخلاقيات المهنة. أو تحديدا هو مثل الطبيب، حين تخبره بأنه لا يفهم في الطب شيئا. وهذه التهمة تخرجه مجملا من نطاق الإنسانية، فضلا عن الصحافة كمهنة.
ثانيا: أنت وصحيفتك منحازون الحيادية تمثل قيمة لا تنفك صحيفة عن ادعائها، وحين توجه هذه التهمة له، فإنك ببساطة تقوض حقيقة عمله، وتجعله اداة بيد من ينحاز له، وبذلك يكون الصحافي عبارة عن دمية، أو لعبة يلعب بها الآخرون، ولا أخفي عليكم، كم لهذا الوصف من تأثير سلبي ومحبط.
ثالثا: لم تكتب ما قصدته بدقة
إن فن الكتابة من مقومات نجاح الصحافي، فالصحافي الذي لا يجيد الكتابة والتعبير الصحيح عما ينقل له، هو ببساطة مشروع يقارب على الانتهاء قبل البدء فيه، وهذا الاتهام هو ما سيشكك بمدى قدرته الكتابية، وعلى مدى فهمه للأحاديث الصحافية.
رابعا: لم أقرأ أكثر من العنوان
كأي مبدع، يسعى الصحافي كل يوم الى ان يستمع الى التعليقات التي ستأتيه على ما كتبه أمس، وحين يتفاجأ الصحافي بهذه العبارة، فللقارئ أن يتصور حجم الإحباط الذي سيلتف به، إن كما هائلا من الإحساس بالعجز سيسيطر عليه، فهو شيء مهمل، وما ينتجه غير جذاب او مرغوب فيه. وهو ضعيف في عنونة ما يكتب، لدرجة انك لم تقرأ له، سوى العنوان.
خامسا: أنتم ترغبون في المزيد من الأرباح فقط
يعتقد الصحافي أن ما يقوم به هو خدمة تنموية واجتماعية مهمة، لذلك يعتبر الصحافي عمله انه من أرقى الخدمات الإنسانية، وحين تقوم باتهام الصحافي وصحيفته بأنهم "يسعون وراء المال" فأنك ببساطة تشكك في قيمه، وفي كونه شخصا يسعى الى تطوير المجتمع، وتصفه باختصار الى صف من يحاول الكشف عنهم من مجرمين وفاسدين ممن يسرقون المال العام.
سادسا: أريدك أن تبرز هذا الكلام بالتحديد
لدى الصحافي، شعور بانه مبدع، وانه يتمتع بذكاء جيد، وله في مضامين حرفته، قواعد خاصة يلتزم بها، لذلك فهو يحمل أجندة خاصة للمهم والأهم، وما عليه ان يبرزه، وما يجب إهماله، وحين يقوم الصحافي بإجراء مقابلة خاصة أو تحقيق خاص، فإنك تضغط عليه بشدة وتستفزه أيما استفزاز حين تطلب منه التركيز على أمور معينة، فالمستتر من هذا التوجيه، هو "أيها الصحافي الغبي، عليك ان تهتم بهذا وهذا... ولا تتعلق بصغائر الامور". وهذا بالضبط ما يجعله يحس بالغضب، حتى وإن اعطاك ابتسامة عريضة، ووعودا بالتنفيذ لما تريد.
سابعا: أين حسك الوطني يا هذا؟
الصحافة اكاديميا، هي سلطة رابعة، هدفها خدمة الوطن ومصلحته هي على قائمة اولوياتها. وحين تتهم الصحافي بأنه فاقد لوطنيته، فأنت كمن يقف الى وزير من الوزراء ليخبره بانه لا يهتم بمصالح الوطن، وأنه يغلب مصالحه الشخصية. وهذا ما قد يجعله في موقف محرج، سيفكر الصحافي بصمت لثانية، وسيعلق بصوت غير مسموع "بعد كل الذي أقوم به، من أجلك، ومن أجل الوطن، تقول لي، إني لست وطنيا... من الوطني إذا؟".
ثامنا: لماذا لم تنشر رسالتي
في الغالب يستقبل الصحافي يوميا عشرات او حتى مئات الرسائل من القراء، التي عادة ما يسعى مرسلوها الى نشرها في الصحيفة، ولا أخفي عليكم، بأن أكثر الصحافيين يلقون بالرسائل قبل قراءتها، إلا المادحة منها، او التي تأتي من الجنس اللطيف، حتى يتباهى بها البعض أمام زملائهم، تبيانا على قدرته الإبداعية في اجتذاب المزيد من المعجبات. وحين تسأله هذا السؤال، فهناك ثلاثة احتمالات لا رابع لها، قد يكون ما كتبت ليس صالحا للنشر لعدة اعتبارات، او ان الصحافي لا يدري أين رسالتك "فقدت وسط الزحام"، أو انه رماها بعد قراءة أول سطر منها. وفي الحالات الثلاث، هو عاجز عن الرد! تاسعا: أنتم لم تكتبوا الحقائق كاملة في التحقيقات الصحافية، قد يتطلب إعداد تحقيق واحد أشهرا من العمل المتواصل، والمقابلات المتكررة. وحين تفاجئ الصحافي بهذه العبارة، فإنه يستذكر تلك الجهود بحسرة. فبعد هذا الجهد الكبير، هو لم يذكر الحقائق كلها!. إذا ما معنى ما قام به؟، هل هو مضيعة للوقت؟ ام انك تتهمه بأنه تواطأ في عدم ذكره للحقيقة كاملة لمصلحة طرف ما، أنت هنا ببساطة تلمح الى انه صحافي مأجور، وهذا ما قد يفقده عقله.
عاشرا: أنت وصحيفتك لم تعترفوا بالأخطاء التي ارتكبتموها
تسعى الصحيفة الى أن تكون مصدر المعلومات الدقيقة والحقيقية، وعلى القارئ أن يعرف ان تصحيح الاخطاء المعلوماتية هو مدعاة الى ترسيخ فكرة أن الصحيفة تكثر من خلط الحقائق بالأكاذيب، بمعنى انها ليست منبر الحقيقة والصدق. كما ان الحقائق هي في الغالب حقائق ذاتية، والحقائق التي تغضبك، انت في الغالب ترفض تسميتها بالحقائق. معنى ان تخبر الصحافي بهذه العبارة، ان يتحول تحرير الصحيفة الى مزاجك، وحقائقك الخاصة بك. وهذا ما يجعل الصحافي يحس بأنك تطلب شيئا لن يحدث إلا إذا قمت بشراء الصحيفة كاملة، فحينها فقط، صحح ما تريد من حقائق، واكتب حقائقك كما تريد.
أحد عشر: اكتب عن هذا الأمر
البعض يعتقد ان الصحافي يستطيع الكتابة عما يريد، وقتما يشاء، وكيفما يشاء. وهذه خرافة مضحكة، فالصحافي قد يكتب عموده الشخصي عشرين مرة متتالية، حتى توافق عليها رئاسة التحرير، كما ان الصحافي الذي يعمل في الأخبار المحلية، يعطى أجندة خاصة يسير عليها، وهو ليس حرا في بحثه عن الاخبار، فيكتب ما يريد ويترك ما يريد. أنت حينما تطلب منه بإلحاح ان يكتب عن أمر ما، قد لا يخبرك ببساطة ان هذا الموضوع تحديدا ترفض رئاسة التحرير الكتابة فيه، ولا تقبل أي خبر أو تعليق أو مقال عنه. اتمنى ان أكون قد وفقت في إعطائكم ومضة بسيطة، تساعدكم في استفزاز الصحافيين، لكن عليكم بالتروي في تفعيل هذه الوصايا، فالمجتمع من دون صحافة، جامد لا يتحرك، هو مجتمع محكوم بالجهل، وهذا ما يستفزكم الصحافيون به، وهو عبارة "أنت تجهل الحقيقة"، فالصحافي دائما وأبدا، يعرف كل شيء
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1129 - السبت 08 أكتوبر 2005م الموافق 05 رمضان 1426هـ