العدد 1128 - الجمعة 07 أكتوبر 2005م الموافق 04 رمضان 1426هـ

هيئة التقاعد والتأمينات الاجتماعية... كيف يكون الحل؟

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

لا يوجد أفضل من العدل في الحكم على القضايا ثم إيجاد الحلول التي تبنى على هذا الحكم العادل. من المؤسف أن هيئة التقاعد والتأمينات لم تفعل ذلك على الإطلاق لتفادي الإفلاس حقا بعد سنوات، وإنما خرجت بقرار مبتور وغير قائم على حقائق كانت معروفة للجميع ولا تريد أن تقرها هذه الهيئة لأن السلطة التنفيذية قامت بها وأنفقتها على مشروعات خاسرة من دون العودة إلى مجلس الإدارة ومشاورة أعضاء مجلس الإدارة الممثلين عن هؤلاء الموظفين، بدلا من تعويض هذه السلطة هؤلاء الموظفين على ما تم إنفاقه وخسارته من أموالهم التي اقتطعت من رواتبهم وهم في أمس الحاجة إليها لمواجهة احتياجات أسرهم والتي تزيد على رواتبهم الضئيلة بالنسبة إلى غالبية موظفي القطاع الخاص أو العام. هل هذه الخسارة التي يتحدث عنها هؤلاء المسئولون بسبب التقاعد المبكر أو خفض الاشتراكات في العام 1986 من 21 في المئة من راتب الموظف إلى 15 في المئة أو بسبب استعجال الكثير من المؤمن عليهم من الموظفين الحصول على مستحقاتهم التقاعدية؟ لا، طبعا، إذ توجد إلى جانب ذلك خسارة يتحملها وزير العمل والشئون الاجتماعية السابق ورئيس هيئة التأمينات والتقاعد ورئيس مجلس إدارتها عن التجاوزات المالية والإدارية، وتفشي الفساد بالنسبة إلى إدارة المشروعات وبعثرة أموالها بسبب عدم وجود جهاز فعال قائم على خبراء في هذه المسائل لجني الأرباح، ما أدى إلى خسارة الهيئة وتدهور أحوالها. ويتحمل معه بعض المسئولين في السلطة التنفيذية التي تدخلت على رغم أن القانون الذي تم على أساسه قيام هذه الهيئة لا يسمح لها بالتدخل في إدارة شئون الهيئة على أساس أنها هيئة مستقلة بحسب قانون التأمين الاجتماعي رقم 24 للعام 1976م "معلومات عن اللجنة البرلمانية". والاستقلالية هنا تعني استقلال مجلس الإدارة في إدارة واستثمار أموال الهيئة، من دون تدخل فعلي من السلطة التنفيذية وإنما استشاري، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماما، إذ أهمل رئيس مجلس إدارة الهيئة عقد الاجتماعات المطلوبة كل عام لإدارتها، وقامت الحكومة "بحسب تقرير اللجنة البرلمانية الذي قدمه عشرة نواب إلى المجلس النيابي" بتعيين رئيس الهيئة ولم يكن ذلك من اختصاصها. ثم أخذت تتدخل في توجيه المشروعات توجيها استثماريا لا سياسيا خلافا لما ينص عليه القانون الاجتماعي. مثل إنشاء الأسواق على أراضي الحكومة من دون توضيح وتحديد التزامات الهيئة المستقبلية. وقامت بتمويل مشروعات استثمارية من دون أية دراسات جدوى مثل مشروع "مركز البحرين للمعارض" وشركة "تطوير المنطقة الجنوبية" إلى جانب شركة "البحرين العالمية لملاعب البحرين". ولم يكن عدد الأعضاء الذين يمثلون الموظفين والعمال وهو ستة أشخاص عادلا، إذ وضعت الحكومة تسعة أعضاء لتمثيلها في مجلس إدارة الهيئة. إذا، كان تدخل الحكومة المباشر في استثمارات الهيئة غير المدروسة التي نفذت في احيان كثيرة لانقاذ مصارف ومؤسسات مالية وشركات مساهمة على حافة الافلاس الذي تكرر بالنسبة الى بعضها، مثل القرض الذي تراكم على الهيئة "لمركز البحرين للمعارض" وقرض شركة "الفنادق الوطنية" وبعض المشروعات التجارية والاستثمارية التي قامت الهيئة بضخ الأموال إليها وشراء اسهمها بمبالغ ضخمة من دون عمل دراسات جدوى على رغم معرفة رئيس مجلس إدارة هيئة التقاعد والتأمينات الاجتماعية بأوضاع الهيئة المالية والادارية المتدهورة... ما أضاف أعباء مادية على كاهل هيئة التقاعد والتأمينات، مثل إلغاء ديون لبعض هذه الشركات وتحويل نسب ضخمة من أسهم الهيئة في الشركات العامة الى وجهات معينة ومؤسسات مالية ومصارف محددة مع كل ما رافقها من غياب المعلومات الدقيقة وذكرها صراحة امام مجلس الادارة أو اصحاب الشأن من عمال وموظفين. فيما يتعلق بكل تلك القرارات التي يبدو أنها كانت مفروضة بتوجيهات حكومية مباشرة أو غير مباشرة، ما جعل مجلس إدارة الهيئة مضطرا الى تنفيذها وعدم التساؤل بشأن مدى جدواها وهو ما استخلصته اللجنة البرلمانية من تقارير ووثائق حصلت عليها بالنسبة إلى تلك المشروعات بالاضافة الى ما استخلصته من اجابات المسئولين في مجلس إدارة الهيئة والادارة التنفيذية. كما لاحظت اللجنة البرلمانية عدم وجود تدقيق داخلي في الهيئة لمحاسبة المسئولين عن هذه المشروعات وضبطها. ورافق ذلك عدم تغيير المدقق الخارجي لمدة طويلة سمحت بتوطيد علاقات مدققي الحسابات والادارة التنفيذية. كما أن عدم وجود مركز لدراسة هذه المشروعات قبل تنفيذها وغياب مبدأ الاستراتيجية في الاستثمار مع عدم وجود جهاز أعلى للاستثمار لديه خبراء في توجيه استثمارات الهيئة هي التي كانت وراء هذا التردد والتخبط في الاستثمارات وبالتالي تدهور الارباح لعدم استقلالية هيئة التقاعد والتأمينات المفترض استقلاليتها بحسب القانون الذي قام بتأسيسها. هل بعد كل ذلك التخبط والتدخل الحكومي في استقلالية الهيئة وما احدثه من خسارة في بعض المشروعات وعدم وجود التدقيق في الحسابات ليعرف الموظفون إلى أين ذهبت تلك القروض الحكومية التي أعدمت، ترفع اشتراكات الموظفين لتفادي افلاس هيئة التقاعد والتأمينات الاجتماعية مستقبلا؟ وما ذنبهم في ذلك؟ أليس من العدل ان تعيد الحكومة ما أخذته من قروض الى الهيئة حتى يحدث التوازن المطلوب ومن ثم لا يرفع سن التقاعد ولا يزيد اشتراك الموظفين المرهقين في غالبيتهم من رواتبهم الضئيلة وديونهم... بخلاف ما تحتاجه الهيئة بعد أن تسير أمورها بأسلوب صحيح؟ * كاتبة بحرينية

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 1128 - الجمعة 07 أكتوبر 2005م الموافق 04 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً