المشايخ: عيسى بن محمد آل خليفة، عبداللطيف المحمود وعادل المعاودة؛ عيسى أحمد قاسم، الغريفي والوداعي. في رقبة هؤلاء المشايخ معلقة عملية ترسيخ المواطنة في البلاد، وتجنيبها أية توترات طائفية قد تحدث أو استفزاز طائفي وقوده الناس وطمأنينتهم والنيل من حقهم في الحياة الكريمة كغيرهم من الأمم. إن سكوت مشايخ البلاد الكرام ليس من ذهب في مثل حالتنا الراهنة، هؤلاء المشايخ - أعرف الكثير عن الثلاثة الأوائل والقليل "المجزي" عن الثلاثة الآخرين - أخاطب فيهم روح المواطنة البحرينية التي بات قوامها مهددا ومعرضا للانهيار نتيجة العزف على أوتار الحمية الطائفية والعصبية الجاهلية المقيتة لدى قطاعات عريضة من أبناء البلد - حتى التقط معول الهدم من لا هم لهم إلا الارتزاق السياسي، والبطولات الوهمية وحصد المال الحرام بكل صفاقة وصلافة! أخاطب في المشايخ الكرام روح المواطنة ومواجهة خطابات الجيوب التي بدأت تنذر بخطر انقسام حاد وعمودي - وأستعير ذلك من تعبيرات الأكاديمي البحريني عبدالهادي خلف بشأن الانشطارات العمودية في المجتمع - بين أبناء الوطن الواحد... وقادة الجيوب قاموا بتحويل صراع لقمة الناس إلى صراع متمذهب عموده الظلم التاريخي وإسقاط وقائع تاريخية لا علاقة لها البتة بـ "وطن يتسع لجميع أبنائه". مجتمعنا البحريني منقسم أشد الانقسام - في الحالة الراهنة، طائفيا - ومن المعلوم أن هذا الانقسام والتمذهب تشد من عضده خلفيات وقصص وروايات تاريخية مختلف عليها ومتعددة "موسمية". هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن انعكاسات الأوضاع الإقليمية في القطر العراقي الشقيق لها تداعياتها التي لاشك لعاقل في تأثيرها على الوعي العام لدينا في البحرين. إضافة إلى تأثيرات المرحلة الانتقالية التي نمر بإرهاصات هي نتاج طبيعي لاستحقاقات الدولة المدنية التي نطمح إليها... دولة قائمة على أساس المواطنة، بما تتضمنه المواطنة من مداميك متعددة ومختلفة الفروع. كل ذلك يحتم على مشايخ الطوائف الالتفات إلى خطورة الأوضاع في مملكتنا وضرورة لم الشمل والاتفاق على مبادئ أساسية مواطنية. المشايخ الكرام، لست في وارد الدفاع عن أحد أو الهجوم على أحد، فإن قدر الله أن يعيش السنة والشيعة على هذه البقعة من الأرض. أرض الخلود التي يريد البعض أن يحولها إلى أرض الفناء والإقصاء والتخوين واحتكار الجنة! هذه الأرض هي التي جمعت العائلة الخليفية الكريمة، وهذه العائلة هي من توافق الشعب بنسبة 98,4 في المئة على شرعية حكمها، واختلفت جماعات على تفاصيل لا تعدو كونها - حين قراءة تاريخ الدول وقيامها - إلى تفصيلات جزئية من الممكن وضع حلول توفيقية لها بلا دموية أو إقصائية أو تعريض بالآخر وارتباطه بالأرض والتشكيك في ولائه للوطن. لا نريد لبلدنا أن يكون مسرحا للانقسامات الطائفية البغيضة، فجميع النزاعات والصراعات المتخلفة "الطائفية والعرقية والعشائرية القبلية... إلخ" في الدول القريبة والبعيدة لا تبشر بخير. لا نريد مواطنا يتغنى بطائفته وينسى وطنه. البحرين احتضنت مذ التاريخ البعيد جميع البحرينيين، ولا نريد تعريفا يزاحم التعريف الوطني لإنسان هذه الأرض. فنحن بحرينيون وكفى. بحرينيون ونقطة.
عطني إذنك...
عصبية نكراء، هي تلك التي يتم ترويجها في الوقت الحاضر بين أبناء الشعب الواحد. أين ذهبت عقولكم أم عليها أقفالها، فإنها لا تستوعب إلا قراءة التاريخ، ليس وقائع التاريخ بل أحكام وفتاوى التاريخ السحيق، وإسقاطها على الواقع. فماذا فعل التاريخ الإقصائي بنا؟ وماذا فعلنا، نحن، بالتاريخ الإقصائي، والتمذهب العصبوي السياسي؟! إن الإسلام يحث على الوحدة بين المسلمين، والتآلف مع غير المسلمين، بل وشدد في ذلك "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم" "الحجرات: 13". فإن الله سبحانه وتعالى يحض الناس على التعارف والانفتاح على الآخر، والتعارف لا يأتي من خلال لغة الإقصاء والتكفير وتنفير المسلمين عن بعضهم بعضا فضلا عن غير المسلمين، ولم يحدد رب العالمين مناط تقييم تقوى المرء ولم يخضعه لإرادة الناس؛ بل هو من اختصاصه وحده. اللهم احفظ البحرين والبحرينيين واغفر لهم جميعا... جميعا، وأدخلهم الجنة التي عرضها السماوات والأرض برحمتك التي وسعت كل شيء، فيا أيها الناس: الجنة ليست حكرا على أ
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1123 - الأحد 02 أكتوبر 2005م الموافق 28 شعبان 1426هـ