الحديث عن أهمية وجود مؤشرات كلية وقطاعية لأداء الاقتصاد الوطني هو حديث على جانب كبير من الأهمية نظرا إلى الكثير من الأسباب والتطورات والمعطيات. والمقصود بالمؤشرات الكلية كما هو معروف المعايير الكمية التي تبين اتجاهات أداء الاقتصاد الكلي كمعيار أجمالي الناتج المحلي الاجمالي أو معدل نمو هذا الناتج، وكذلك ميزان المدفوعات والحساب الجاري أو تلك التي تبين اتجاهات أداء القطاعات الأساسية كمؤشر سوق البحرين للأوراق المالية أو الميزان التجاري أو مؤشرات أداء قطاع المقاولات والإسكان أو معدل البطالة والسيولة النقدية أو معدل تحسن مناخ الأعمال أو الاستثمار وإلى غيره من المؤشرات الكثيرة التي نقرأ عنها في أدبيات الاقتصادات المتطورة. ان غياب هذه المؤشرات وبالصورة المطلوبة يمثل عائقا يحول دون قيام المسئولين والمخططين بتلمس أوجه القوة والضعف في الاقتصاد الوطني، وبالتالي إعادة صوغ السياسات والخطوات التي تضمن فعاليه الأداء الاقتصادي. كما انه يحول دون قيام المحللين الاقتصاديين بلعب دورهم في المساعدة وتقديم النصح والآراء بشأن أداء الاقتصاد وتقييم مسيرته وفعالية قطاعاته المختلفة. ان وجود مؤشرات لأداء الاقتصاد الوطني على الصعيدين الكلي والقطاعي. وبافتراض كون هذه المؤشرات معايير عالمية متعارفا عليها - يساعد على إجراء مقارنات عالمية لأداء الاقتصادات الوطنية مقارنة بالاقتصادات العالمية وهو ما يبرز درجة تطور هذه الاقتصادات والنجاحات التي تحققها على هذا الصعيد، وهذا يعطي ميزة تنافسيه أخرى لهذه الاقتصادية ويشجع على استقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال. كما أن وجود المؤشرات يساعدنا على إدارة شئوننا الاقتصادية بديناميكية فاعلة تبرهن على قدرتنا على التعاطي مع مفاصل هذه الشئون ومعطياتها، وهذه مشكلة أخرى نعاني منها، إذ بات هناك شعور بالفراغ والبطء في التعامل مع الكثير من القرارات الخطيرة التي تواجه تجربتنا التنموية وتطورنا الاقتصادي والاجتماعي؟ عندما نقوم بزيارة إحدى الدول الآسيوية التي قطعت شوطا كبيرا في تجاربها التنموية يمكنك ان تلاحظ بوضوح ومن على صدر صفحات صحفها اليومية وإعلامها المسموع والمرأي كيف ان كل شئون الحياة الاقتصادية الاستراتيجية والتفصيليه مطروحة للحوار والمداولة ابتداء من أجهزة الدولة ووصولا إلى فئات المواطنين. وكيف ان المعلومات التفصيلية بشأن هذه الشئون مكشوفة ومعروفة من دون لبس ومواربة. وكيف ان المجال مسموح للتعاطي معها... وكيف أول ما يبرز تطور جديد يمس الاقتصاد تشكل الأجهزة المتخصصة التي تتعامل معها استعدادا لاتخاذ القرارات الضرورية بشأنها... وكيف... وكيف. ونحن نعتقد أن أحد أسباب غياب هذه المظاهر هو غياب المؤشرات التي تعتبر دليلا في اتخاذ القرارات علاوة طبعا على أسباب أخرى، مثل: غياب الاستراتيجية الواضحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أخذ فلسفتها وأهدافها ومعاييرها أساسا لقياس كيفية التعامل مع المعطيات والمستجدات، الأمر الذي يخلق معه الفراغ والبطء في التعامل مع شئوننا الاقتصادية. وغني عن القول ان هذه الظاهرة باتت تتضاعف خطورتها بالنظر إلى انفتاح المجتمع على الخارج وتدفق التطورات والمتغيرات التي يتطلب معها قدر كبير من الديناميكية والابداع والمبادرة
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1118 - الثلثاء 27 سبتمبر 2005م الموافق 23 شعبان 1426هـ