"يحرم عليكم مد هذا الخلاف إلى المساجد والمآتم، ويعز علينا ألا يكون معنا الأستاذان. .. ونحن لا نقبل أن يتناولهما أحد بسوء". أمام هذه الكلمات خنقت سلمان العبرة، كما خنقت بالأمس العبرة شقيقه المشيمع وهو يعلن الاستقالة، ولكن أية عبرات هذه؟ سأل وسيسأل كثيرون: ما بال هؤلاء الرموز عاطفيين؟ أو تحتمل السياسة هذه العاطفة أم أنه ضرب من الوهن؟ وليس بعيدا عن هذه الأسئلة ستسخر فئة وتصفق بأقلامها ولافتاتها "الفجرية" شماتة، في حين أن آلاف القلوب الحرى التي وجدت في مظلة "الوفاق" ضالتها تتقطع ألما وحرقة لهذا المنعطف الخطير الذي يسلك بها إلى المجهول. ولنا أن نعيد صوغ السؤال: ليكون كالآتي: ماذا لو تجردت السياسة من كل العاطفة؟ ويحق لنا حينها القول إن دهاليز السياسيين صحيح لا يسلكها إلا ذوو الإرادات الصلبة، ولكن حتما أن ظلمة هذه الدهاليز تختلف باختلاف اللعبة واللاعبين، وبالتالي قد يتطلب الصراع في موقع ما الدوس على النزعة العاطفية نظرا إلى طبيعة العدو ومستوى الخطر، بينما قد تشكل العاطفة سلاحا فعالا في موقعة ما، من أجل الوصول إلى هدف أسمى من التصلب السياسي، فضلا عن كونها نتاجا طبيعيا لحال إخوة أشقاء "في الحلوة والمرة" أوصلتهم متاهات السياسة إلى مفترق طرق. فلا وهن ولا ضعف ولكنها الدموع التي قد تشعل الأمل في العودة سريعا إلى البيت الواحد. قبل قرابة شهر أصدر صاحب قلم موتور أوامره إلى الوفاقيين بأن: "فككوا الوفاق"، وللأسف سرعان ما لبت بعض الاستقالات طلبه من دون قصد. لن نلوم أحدا، ولن نتناول أيا بسوء، احتراما لحكمة سلمان وسعة صدره، وسيبقى يحدونا الأمل كما يحدوه برجوع الإخوة إلى دارهم التي بنوها بعرق نضالاتهم، وحل اختلافاتهم داخليا مهما بلغت الفجوة، وليعضوا على هذه العملة الصعبة "الوفاق" ويتشبثوا بها لتفويت الفرصة على أصحاب الابتسامات السوداء
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 1114 - الجمعة 23 سبتمبر 2005م الموافق 19 شعبان 1426هـ