الأمر أكبر بكثير من قضية تثبيت لافتات تسيء إلى جهة بعينها، وأكبر من جمعية دينية موتورة هنا أو هناك على امتداد الوطن، وأكبر من تعليق يرد على لسان أحدهم يثني على ما قامت به المجموعة باسم ممارسة حرية التعبير وتحت جنح الظلام، تماما كما تفعل الخفافيش، وأكبر من أعمدة لكتاب مفلسين وجدوها فرصة لرواج تجارتهم التي تعاني من الركود. القضية مرتبطة بسيناريوهات تريد إرجاع الوطن إلى نقطة الصفر، ولا تريد له خيرا بقدر ما تتوهم أن الخير سينهمر عليها بمجرد خلطها للأوراق. إن مجرد التعاطي باستخفاف، وكأن ما حدث نوع من النزوة العابرة، ولا يجب التهويل منه، هو بمثابة استغفال واستخفاف بعقول كثيرين، ومحاولة إيهامهم أن الأمر إنما حدث من منطلق شخصي، ولا علاقة لأية جهات - معروفة أدوارها وأدبياتها ومشروعاتها - به، وسيكون النفي وافرا وفرة الخناجر المدسوسة تحت الأحزمة تحسبا للحظة المناسبة، ولكنها ستكون لحظة بعمر وطن بأسره، ببشره وترابه وهوائه وكل منجزاته، إذ يمكن التهاون والتغاضي عن صور وممارسات بحسن الظن، ما دامت بعيدة عما يمس الطائفة - أية طائفة - وما دامت لا تثير الحفائظ ولا تنال من السلم الأهلي الذي نشهد تماسكه، ولكنها متى ما عمدت إلى الاستفزاز فإن نوايا حسن الظن في التعاطي معها تصبح ضربا من الغيبوبة، وضربا من الغفلة. وبقدر ما يعج الوطن بالأصوات المحرضة والمحفزة على الانفلات، ثمة أصوات عاقلة، تعي دورها ومسئولياتها الكبيرة في المنعطفات الخطيرة والممارسات اللامسئولة التي تريد الشر كل الشر بهذا الوطن وأبنائه، وهو ما نأمل أن تمارسه وتفعله لدرء الفتنة قبل أن يصيب شررها كل متحرك وهامد
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1113 - الخميس 22 سبتمبر 2005م الموافق 18 شعبان 1426هـ