هل يقبل السيد عبدالعزيز الحكيم بالفيدرالية أو حق تقرير المصير لاخوتنا العرب في إقليم عربستان، كما هو يطالب بالفيدرالية وتقرير المصير في العراق؟ إن تمييع ونهش جسد الدولة، ووحدة أراضي العراق لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم التصويت عليه، وشعب العراق هو من سوف يحسم أمر الفيدرالية والتي لا نراها إلا باب شر جديد يفتح على مصراعيه لتقسيم دول المنطقة إلى كونتونات وجيوب صغيرة، ولكن السؤال آنفا عن قبول الحكيم بالفيدرالية في إيران لإخوة الدين والمذهب إذ الشعب العربي في إيران، يعاني الظلم والحرمان وغياب أبسط مبادئ العدالة الاجتماعية، هل يقبل "السيد" بمثل تلك الفيدرالية التي يطالب بها في العراق؟ إن دعوة الحكيم؛ إن كانت عادلة، ومقاييسها صحيحة، فلماذا لا يساعد إخوانه العرب في إقليم عربستان في مطالبتهم بتقرير مصيرهم؟ ومن ثم تقسيم إيران كما هو يريد بمشروع الفيدرالية كمدخل لتقسيم العراق مستقبلا! إن تفتيت الدولة في العراق قائم أساسا على دعوة ومباركة إيرانية، إذ حتى المرجع السيستاني رفض الفيدرالية وطالب بوحدة أراضي العراق "راجع بيانه الأخير". تفتيت الدولة العراقية ليس في مصلحة العراق، وأرجو ألا يقول لنا أحد بأن لا دخل لكم في ما يحدث في العراق، فإذا تقاعسنا عن نصرة الإخوة العرب في العراق "السنة والشيعة على السواء" وهم ليس بينهم ما يعكر صفوهم سوى بعض من كانوا في رعاية الدولة الإيرانية، وعادوا بعد ذلك لاستئصال وتهميش كل من لا يمت لهم بصلة ولا لأفكارهم المستوردة والدخيلة على أبناء العراق. هذه حقيقة يشهد عليها ما قامت به "اطلاعات" من عمليات تصفية لبعض الطيارين وكبار الضباط في الجيش العراقي السابق، وهم فخورون بنصالهم التي تغرز في جسد العراق، هذه النصال لم تفرق بين سني أو شيعي، فالكل عربي ومؤمن بعروبة ووحدة العراق وبالتالي يجب القضاء عليه! كما خذل العرب إخوتهم في إقليم عربستان، وتركوهم لقمة سائغة للمحتل الإيراني، وكما تخاذلوا في شأن احتلال الجزر العربية التي قامت إيران بتفريسها، فما يحدث في العراق وتحديدا في الجنوب هو عملية اقتطاع جغرافي ومن ثم تفريس للجزء العزيز من الوطن العراقي العربي الكبير. السيد الحكيم لو قام بحذف مصطلح "الثورة"، وهو الآن يطالب بالديمقراطية ويتوسلها في شأن تقرير المصير وتطبيق الفيدرالية، لماذا إذا التغني بالثورة، والثورة على من؟ ومادام الحكيم والمجلس الأعلى مؤمن بالديمقراطية فلماذا الثورة إذا؟ وحسنا فعل نائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي بمراجعاته الفكرية بشأن ضرورة حذف مصطلح الثورة من لافتة المجلس الأعلى. الفقرة الثالثة من الدستور العراقي تشير إلى أن العراق جزء من الأمة الإسلامية، وأن الشعب العربي في العراق هو جزء من العالم العربي. بلد مثل العراق، مهد الحضارات الانسانية، يعرف بهوية متنازع عليها، غير معلومة ملامحها ولا صفاتها ولا تمايزها، هل ذلك ما يريده أبناء العراق؟
عطني إذنك...
قبل كل شىء؛ يجب التأكيد على أن قتل الناس على الهوية مرفوض في جميع الشرائع السماوية والوضعية، تماما كما هو حال القتل على الانتماء للبعث أو غيره من تنظيمات؛ فالناس ليسوا مجرمين بالانتماء كما أنهم ليسوا مجرمين بالولادة أو الفطرة... ومن يقم بتلك العمليات إنما هم يقدمون الخدمات الجليلة لمخططات الإدارة الأميركية والصهيونية العالمية. من جانب آخر، إن الانتصاف للمظلومين يكون بالمساواة بين المواطنين وحفظ حقوق المواطنة، وليس تشطير المجتمع طائفيا، ويكون ذلك بحفظ وحدة وتراب الوطن، وليس تقسيمه. والانتصار للوطن، أيضا يكون بتثبيت هويته العربية والإسلامية، ورفع بيرق العروبة والإسلام. فالعراق كان ولايزال وسيظل بفضل جهاد ونضال أبنائه عراقا عربيا أبيا... شاء من شاء وأبى من أبى! وسيكتب التاريخ بأحرف من قار أسود بأي مبرر كانت دعوة تقسيم العراق! إن ما يحز في النفس أن العرب في صمت تام على ما يتم انتهاكه من عرض وشرف وطن سليب وقتل شعب أرهقته نوائب الزمن... لم يسترح من الظلم ساعة... وسيسجل التاريخ بأحرف من نور مواقف وبطولات أبناء الرافدين في الدفاع عن وطنهم في مواجهة الغزاة والمحتلين.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1111 - الثلثاء 20 سبتمبر 2005م الموافق 16 شعبان 1426هـ