"الانسحاب" مصطلح قانوني سياسي يعني انتهاء الاحتلال العسكري والسيطرة الإسرائيلية على حياة ومقدرات الفلسطينيين في القطاع والضفة بما فيها القدس، وبذلك لا يعتبر ما حدث في غزة انسحابا، بحسب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة راجي الصوراني، الذي اعتبر أن ما يحدث في غزة هو إعادة انتشار أو تموضع للقوات الإسرائيلية، ولكنه أضاف أنه من حق الشعب الفلسطيني أن يفرح عندما يرى جريمة حرب تزال. وقال الصوراني إن هدم 22 مستعمرة كانت تشكل جرائم حرب وإخلاء 7000 مستعمر "مجرم حرب"، وأن يعود 25 ألف دونم من مساحة أراضي غزة، وأن تتوقف معاناة الأهالي الذين عاشوا في ضنك وإرهاب وضغط وألم وظروف لا إنسانية منذ سنوات، كلها مدعاة للفرح وتعتبر خطوة إيجابية. وأفاد أن الحديث ليس عن كيفية الانسحاب، سواء بسبب ضربات المقاومة الفلسطينية أم بخطة انفصال إسرائيلية أحادية الجانب، محذرا من أن "إسرائيل"، وفي مضمون خطة الانفصال، قامت بعدة أمور محددة، مثل منع الاستيراد والتصدير من ميناء أسدود، ومنع المغادرة والوصول عبر مطار اللد، وأعلنت أنها ستوقف دخول العمال الفلسطينيين للعمل داخل "الخط الأخضر" في العام ،2008 مشيرا إلى أنه عمليا لم يدخل أي عامل فلسطيني إلى الجانب الإسرائيلي خلال السنوات الماضية. وأوضح الصوارني، "أننا كفلسطينيين لسنا آسفين أو نادمين على حصول الانفصال لأنه شأن إسرائيلي"، مشيرا إلى "أننا نأسف على قطع معبر إيريز للضفة الغربية والقدس، لأنه يعني عمليا قطع الصلات الإنسانية والاجتماعية والسياسية مع الضفة والقدس، فنحن انتقلنا من وضع على الأرض إلى وضع قانوني مسلم به وهذا مضمون خطة الانفصال". وعن قضيتي المعبر والمطار، أشار الصوراني إلى أن "إسرائيل" تمنع إعادة ترميم المطار أو بناء الميناء، وإذا أراد المواطن الفلسطيني السفر إلى الخارج فيجب عليه أن يقطع 450 كيلومترا إلى أقرب مطار وهو مطار القاهرة، وإذا أراد أن يستورد فيجب عليه استخدام ميناء بورسعيد على بعد 350 كم من قطاع غزة، في حال سماح الإسرائيليين. كما أن "إسرائيل" تسيطر أيضا على المياه الإقليمية وتمنع الفلسطينيين من تجاوز مسافة 6 أميال بحرية داخل البحر، بالإضافة إلى السيطرة على الأجواء حتى الكهرومغناطيسية منها، والحدود البرية حول القطاع. فالاحتلال موجود بالشكل المادي والقانوني، وبالتالي لا توجد نهاية عملية للاحتلال، إذ إن إنهاء الاحتلال مرتبط بحق الشعب في تقرير مصيره والاستقلال. وأشار إلى أن جميع المنظمات الدولية والقانونية والكثير من الدول، تعتبر احتلال القطاع قائما حتى اللحظة، مضيفا أن الوحيدين الذين يقولون بانتهاء الاحتلال هم - للأسف - الفلسطينيون. ففي العام 1967 اعترفت بأن الأراضي الفلسطينية بما فيها غزة والضفة والقدس أراض محتلة لمدة 42 يوما فقط، وبعدها قالت إن هذه المناطق ليست محتلة ولا تنطبق عليها "اتفاقية جنيف الرابعة"، ومن ثم قاموا بضم القدس واعتبروها جزءا من دولتهم، أما بالنسبة لبقية المناطق فقد اعتبروها إما مناطق متنازع عليها، أو مناطق مدارة، ولا تعترف "إسرائيل" حتى هذه اللحظة بأنها محتلة. وبشأن الوضع القانوني للأسرى والمعتقلين من قطاع غزة، أوضح الصوراني أنه بنقل "إسرائيل" للأسرى من القطاع إلى دولة الاحتلال، فإنها بذلك ترتكب مخالفة لاتفاق جنيف، فالتطور الخطير في وضع هؤلاء الأسرى والمتعلق بإلغاء المحكمة العسكرية في معبر إيريز وتوجيه الاتهامات لهم عبر النيابة العامة المدنية الإسرائيلية بدلا من العسكرية، موضحا أن محاكمات هؤلاء الأسرى الآن تتم في المحكمة المدنية في بئر السبع، وفق خطة ورؤية استراتيجية للجانب الإسرائيلي. وأكد الصوراني أنه لا يوجد مبرر عملي أو قانوني لفلسفة الاعتقال الإداري، حتى من وجهة نظر من يمارسونه، كونه وضع كإجراء احتياطي وقائي، وخصوصا في حالة سكان قطاع غزة، إذ إن هذا الإجراء قد انتفى بخروج المعتقل من منطقة سكنه إلى دولة الاحتلال. من وجهة النظر الفلسطينية، فإن هذا النوع من الاعتقالات باطل ومرفوض، فالقطاع سيصبح منطقة غير محتلة فقط إذا مورست السيادة غير المنقوصة، وإذا تمتع الشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير الكامل، والاستقلال وإقامة سيادة غير منقوصة والاعتراف بالجنسية الفلسطينية.
العدد 1108 - السبت 17 سبتمبر 2005م الموافق 13 شعبان 1426هـ