العدد 1103 - الإثنين 12 سبتمبر 2005م الموافق 08 شعبان 1426هـ

ديمقراطية المشاركة الشعبية تبزغ في العراق

ابراهيم عباس نتو comments [at] alwasatnews.com

بزغت تباشير فجر الديمقراطية في العراق لأول مرة منذ نصف قرن مضى، إن لم يكن منذ 9000 سنة وبدأ تدوين التاريخ في تلك البقاع. فلأول مرة تتنافس القوى الاجتماعية/ السياسية "ما عدا جـل "السنة"... في ظروف استثنائية حالية ولعلها مؤقتة" عندما قامت الحملة الانتخابية العامة التي قادت إلى تنظيم وإجراء الانتخابات في 30 من يناير/ كانون الثاني 2005 "20 من ذي الحجة 1425هـ" في عهد ما بعد الرئيس صدام حسين، وبعد سقوطه وأفول نظامه في 9 أبريل/ نيسان .2003 ومع أن لكل حدث رد فعل... وتقييما وتحليلا يختلف بتنوع الناس، بحسب اختلاف مشاربهم وآرائهم، بل ومصالحهم وأن كل عمل له ما له من مآخذ ومثالب، وله كذلك من المحاسن والفوائد، فليس أمام القارئ والمشاهد والمتابع إلا ترجيح كفة التفاؤل، وخصوصا عند تعادل الكفتين، والميل إلى نصف الكوب المليء على الفارغ، وكذلك النظر في "البديل": أهو أحسن وألمع أم أكثر قتامة! جاءت الانتخابات العامة في 30 من يناير 2005م فصلا تاريخيا وحدثا مفصليا في حاضر ومستقبل العراق والمنطقة والأمة. فشارك قرابة ثمانية ملايين ونصف "8,456,266" عراقيا وعراقية، في مشاركة اجتماعية شعبية كبرى كانت نسبة المشاركة فيها في نحو 60 في المئة، في اقتراع تنافسي عام للاختيار من بين آلاف المترشحين والمترشحات "7447"، في تنافس حام على 275 مقعدا نيابيا، مع حجز 25 في المئة من المقاعد للنساء، لشغل أول برلمان من نوعه في البلاد! ""أخبار الخليج"، العدد ،9824 ص،1 ثم ص 14؛ و"الوسط"، العدد ،892 14/2/2005". كان إجمالي عدد المؤهلين للإدلاء بأصواتهم في القوائم الانتخابية ما يقرب الأربعة عشر مليون مؤهل للتصويت "13,9 مليونا" من الناخبين والناخبات العراقيين والعراقيات. كما بلغ عدد الأحزاب والائتلافات و"الأشخاص المستقلين" المتنافسين على شغل مقاعد "المجلس الوطني"/ البرلمان ما لا يقل عن 111 "حزبا". وفي الأثناء تقدم المترشحون والمترشحات لشغل 14 مقعدا في كل مجلس من مجالس "المحافظات" الثماني عشرة. "بالنسبة إلى محافظة بغداد، استثناء، فيتكون مجلسها من 51 مقعدا". أما في المناطق الكردية، فللمواطنين هناك أن ينتخبوا مجلسا وطنيا كرديا. وبالنسبة إلى التوزيع السكاني الديموغرافي، فإنه نـظر إلى أن غالبية قرابة الثلثين "65,5 في المئة" من العرب الشيعة، وأن نحو 15-20% من العرب السنة، وأن البقية من الأكراد "نحو 15 في المئة" وبعض الفئات الاجتماعية الصغيرة المتعددة، مكونة فسيفساء سكانية من تركمان ومسيحيين، في مذاهب عدة، مثل الكلدانيين والآشوريين، واليزيديين، ثم الصابئة، وكذك الآيزيديين "أتباع ديانة عبادة الشيطان". وفي خضم الإعداد لتكوين المجلس الوطني للثلاث سنوات التالية، وهو المجلس الذي سيمثل أحد أركان الثالوث الحكومي، مختصا بالنواحي التشريعية، إضافة إلى وضع الدستور الدائم خلال تلك الفترة، بما فيها اللوائح والقوانين "التفعيلية" المواد الأساسية للدستور التي ستكون - كالعادة - مكتفية بالصيغ العمومية، بل والمرنة، لتترك للأجيال القادمة حيزا للتحرك لمواجهة متغيرات الزمان ومستجدات العصور. ولم يتردد العراقيون بمختلف أطيافهم من تقديم قوائم انتخابية للتنافس في مضمار السباق الاقتراعي، بل لم يقل عدد القوائم الانتخابية عن عشر قوائم؛ فتقدمت "القائمة العراقية" - بقيادة إياد علاوي - وكان وقتها يشغل منصب رئيس الوزراء - بقائمة ضمت 240 مرشحا ومرشحة "وضمت هذه المجموعة أتباع أحمد الجلبي"، ثم قدمت قائمة "عراقيون" بقيادة الشيخ غازي عجيل الياور - وكان في وقتها يشغل منصب رئيس الجمهورية - قائمة ضمت 80 مرشحا ومرشحة؛ وقدمت قائمة "الائتلاف العراقي الموحد" بقيادة السيد عبدالعزيز الحكيم "وبمباركة السيدعلي السيستاني" قائمة ضمت 228 مرشحا ومرشحة، وقائمة "التحالف الكردستاني" المشترك بين مسعود البرزاني "الحزب الديمقراطي الكردستاني" وجلال الطالباني "الحزب الوطني الكردستاني" في قائمة تكونت من 165 مرشحا ومرشحة؛ وقائمة "تركمان العراق" التي شملت 63 مرشحا ومرشحة؛ وقائمة "تجمع الديمقراطيين المستقلين" بقيادة عدنان الباجه جي ضمت 70 مرشحا ومرشحة؛ وقائمة "الحزب الوطني الديمقراطي" بقيادة نصير الجادرجي ضمت 12 مرشحا ومرشحة؛ وتقدم المسيحيون بثلاث قوائم: أ- تحالف الرافدين الديمقراطي "12 مرشحا ومرشحة" ب - التجمع الوطني الآشوري "15 مرشحا ومرشحة"؛ ج - اليزيديون "12 مرشحا ومرشحة"؛ كما كان هناك "حزب الأمة العراقي الديمقراطي" بقيادة مثال الألوسي - الذي بين تأييده لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" - وضمت مجموعته 25 مرشحا ومرشحة؛ ثم تقدمت "الحركة الملكية الدستورية" بقيادة الشريف علي بن الحسين، وضمت مجموعة المرشحين فيها 275 مرشحا... فكانت هذه المجموعة هي الأكبر عددا. علما بأن لوائح وقوانين اللعبة الانتخابية كانت وضعت على أساس الحاجة إلى الحصول على 30,750 صوتا من أصوات الناس الناخبين للحصول على مقعد واحد في البرلمان، وذلك وفقا لنظام "التمثيل النسبي". كما نصت اللوائح على أن يعتبر كامل القطر العراقي دائرة انتخابية واحدة "بمعنى أن يتمكن المواطن العراقي - باستعمال بطاقته الانتخابية - من التصويت في أي مكان، بغض النظر عن موقع إقامته الدائمة، وطبعا يقوم بالتصويت مرة واحدة". أثناء الاستعداد لتكوين عضوية المجلس الوطني/ البرلمان، حدث أن "الائتلاف العراقي الموحد" "الحزب الرئيسي للشيعة"، شعر في أول الأمر بشيء من خيبة الأمل لأنه حصل على أقل بقليل من النسبة السحرية "50 في المئة" من أصوات الناخبين؛ كان ذلك على الأقل أثناء النظر في الحسابات التفاوضية الأولية، وقبـل "رص" الصفوف وتوارد تراصها، وإعادة التجميع بين الفئات المتشابهة التي يمكن تقريبها وتقاربها. وعند تحقق ذلك تمكنوا من تخطي الحاجز وخط التماس وإحراز النسبة المئوية التي كانت مأمولة وكانوا يرنون إليها. وجاءت نتائج الحصر الإجمالي للانتخابات بعد أسبوعين، في 14/2/2005م "5 محرم 1426هـ"، ففازت المجموعة الشيعية بنسبة 48,1 في المئة "4,075,291"، أي ما يؤهلها لما يقرب "غالبية" المقاعد البرلمانية، فأحرزت - بذاتها وقبل الدخول في مفاوضات مع الفئات القريبة منها - 133 مقعدا؛ وتلتها المجموعة الكردية، بنسبة 25,7 في المئة... فأحرزت بذلك 71 مقعدا؛ ثم جاءت مجموعة رئيس الوزراء وقتها "إياد علاوي" بنسبة 13,8 في المئة وأحرزت 38 مقعدا؛ وأخيرا جاءت مجموعة رئيس الجمهورية وقتها "الشيخ غازي الياور" بنسبة 1,7 في المئة "150,610 أصوات" واحتسب لها في تلك اللحظة خمسة مقاعد. أما بقية المقاعد بين الجماعات الأخريات، فقد جاءت في الحصر الأول، كالآتي: التركمان "3 مقاعد"؛ الصدريون "3 مقاعد"؛ الشيوعيون "3 مقاعد"؛ الإسلامي الكردستاني "مقعدان"؛ العمل الإسلامي الشيعي "مقعدان"؛ الائتلاف الوطني الديمقراطي "مقعد واحد"؛ التجمع الديمقراطي "مقعد واحد"؛ الطليعة الإسلامي "مقعد واحد"؛ والجبهة الوطنية لوحدة العراق "مقعد واحد". وبعد اكتمال عملية الإدلاء بالأصوات وبعد الانتهاء من رصد الأصوات ومراجعة كشوفها، بدأ توزيع "الحقائب"، بمعنى تقاسم المناصب القيادية في القطاع التنفيذي وفي القطاع التشريعي. ففيما يتصل بمناصب قمة "التنفيذية العليا"، فقد اختير الطالباني رئيسا للجمهورية، فكان بذلك أول كردي يتبوأ الرئاسة في تاريخ البلاد؛ وانتـخب عادل عبدالمهدي نائبا أول لرئيس الجمهورية "وهو شيعي من عائلة دينية "شبـر"، وحاليا من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وينوي تكوين حزب جديد عما قريب؛ كان والده وزيرا للتربية في العهد الملكي؛ ورشح ذات مرة في المفاوضات الأخيرة لمنصب رئيس الوزراء". كما تم اختيار الشيخ الياور، "كبير العرب السنة، وشيخ مشائخ عشائر "شمر""، نائبا ثانيا للرئيس. وكان من جملة المفاوضات والمقايضات التي اتفق عليها هو أن القرارات "الرئاسية" تتم بإجماع الثلاثة، في شكل "ترويكا". وبالنسبة إلى منصب رئيس الوزراء، فقد تم انتخاب إبراهيم الجعفري "شيعي من "حزب الدعوة""، كما أنتخب معه مطلق الجبوري - من العرب السنة - نائبا أول؛ وبرهم صالح "كردي"، نائبا ثانيا. أما بالنسبة إلى المناصب العليا في القطاع التشريعي، في البرلمان، فقد كان في الحسبان إعطاء منصب رئيس مجلس البرلمان لسني، وكان في البال الشيخ الياور تحديدا، إلا أنه تبين أنه حصل فقط على أربعة مقاعد، فاعتذر عن ذلك، لذلك أعطي المنصب إلى حاجم الحسني "سني"، ثم تم انتخاب نائبين لرئيس البرلمان: حسين الشهرستاني "شيعي" نائبا أول "وهو عالم متخصص في الفيزياء النووية وكان قد ذكر اسمه مرشحا لرئاسة مجلس الوزراء". كما تم اختيار فؤاد معصوم "كردي" نائبا ثانيا. وبالنسبة إلى عدد المقاعد المكتسبة وأحقية أخذ أي من المرشحين والطامحين في المناصب القيادية، فلم يحصل علاوي على شيء في التوزيع على رغم رغبته الأكيدة وطموحه الدافق، وثقته بموقعه؛ فلقد كان - في مرحلة من مراحل المفاوضات والمقايضات - قد عدد شروطا للمشاركة تراوحت بين الثلاثة والعشرة. كما كان عدنان الباججي قد أبدى بوضوح تطلعه إلى منصب نائب الرئيس، ولكن لما كان حزبه لم يحرز عندما حصحصت حسابات الأصوات فوجد أنه لم يحصل حزبه حتى على ما يمكنه من شغل مقعد واحد في البرلمان، فلقد اعتذر له، فقام بإغلاق صحيفة "النهضة" التي كان قد بدأ إصدارها، وأغلق أيضا مكاتب حزبه الأربعة عشر، وأعد للعودة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة إذ يدير أعمالا منذ إطاحة حزب البعث بحكم الرئيس عبدالرحمن عارف "الذي كان فيه عدنان آخر وزير للخارجية في 1968". وكذلك كان حال الشريف علي بن الحسين، الذي لم يحرز إلا مستوى مشابها، فأعد العدة، هو الآخر، للمغادرة، وقفل عائدا إلى بريطانيا إذ يدير أعمالا هناك. وكانت النتائج الأولية قد أشارت إلى أن من ضمن الفائزين: حزب الوحدة الوطني "سني" بزعامة نهرو محمد عبدالحكيم "مقعد واحد"؛ والديمقراطيون المستقلون "سني" بزعامة عدنان الباججي "مقعد واحد"؛ والدعو

العدد 1103 - الإثنين 12 سبتمبر 2005م الموافق 08 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً