العدد 1101 - السبت 10 سبتمبر 2005م الموافق 06 شعبان 1426هـ

كيف تعاطى العقل الياباني مع القنبلة الملقاة على هيروشيما ونكازاكي؟

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

عندما أجلس مع الأخ علي سلمان "مثقف بحريني بدرجة امتياز" أشعر بالأمل لأني استمع إلى أفق شبابي آخر فيه نكهة الثقافة والاطلاع. قبل أسبوعين ذهبت له بمبنى الأمم المتحدة وأعطاني آخر تقارير التنمية الإنسانية للعام 2003/ 2004 فزادني هما على همي وبدأت أصدق مقولة المفكر السعودي إبراهيم البليهي في كتابه "بنية التخلف" من أن العالم الشرقي يعاني من تقهقر وليس تخلفا وأن وصفه بالتخلف وصف غير دقيق، لأن التخلف يعطينا شيئا من "التقدم"، فنقول للمتخلف متخلفا عندما يكون هناك سباق، المتخلف هو الذي يلحق، لكنه يركض وراءهم "وراء المعرفة، العلم، التكنولوجيا، والحق اننا لم نبدأ أصلا في الركض فنحن نستحق ان يقال عنا: "الواقفون أو المتقهقرون". لا أريد ان أدخل في التفاصيل وكل ذلك مقدمة للدخول في أزمة الوعي العربي التي سماها الكاتب الاجتماعي علي الوردي بمهزلة العقل العربي. وهنا أتمنى من شبابنا المسلم ان يفتح النوافذ ويقرأ عقلية الياباني وأن يدرس في حلقات الدرس نظريات غاندي ومارتن لوثر كينغ في السلام وأثبتت التجربة ان العنف ليس حلا وأننا أمام أسئلة كونية لا تقبل المزاح سؤال معرفي وبات ضروريا يحتاج ان نسلط عليه الضوء: لماذا اليابانيون تطوروا ووصلوا وفرضوا احترامهم على العالم؟ لأنهم تعاملوا مع العلم - على رغم الظلم الذي وقع عليهم - بلغة العقل فلا يفل الشريط إلا الشريط ولا يفل المقال إلا مقال مثله ولا يفل العقل الصناعي الغربي إلا عقل صناعي غربي. اليابانيون لم يشتغلوا على العنف، اشتغلوا على العلم والمعرفة ودرسوا عبقرية الغرب ومواقع قوته ونجحوا. يقول مفكر عربي: "ما الذي يمنع عددا من مواطني فيتنام التي دكتها الطائرات الأميركية بملايين الأطنان من القنابل ان يقوموا بتفجير عمارات سان فرانسيسكو؟ وما الذي يمنع عددا من مواطني اليابان الذين ضربتهم أميركا بالقنبلة الذرية من أن يفجروا مدينة نيويورك الأميركية؟". الحل في اعتقادي هو في الخطاب السلمي المكتنز بالمعرفة والإنتاج. مشكلة العقل العربي انه مشتغل بالخيال أكثر منه بالبراغماتية، ويتعامل مع الشعارات أكثر من الواقع. يجب ألا تغسل أدمغة المراهقين بالكلام الإنشائي، بل تزين بالحقائق. لا يكفي أن نجري على طرق السياسة، بل يجب ان نصل أيضا، وقديما قيل عينان أرى بهما في السياسة أفضل من أربع مقفلة. ليس عيبا ان نخطئ لكن الخطأ يجب ان يقودنا إلى دراسة قوة الآخر. الغرب قوي في العلم، في التكنولوجيا، في علم الانثربولوجيا "العلوم الإنسانية". الغرب فيه سلبيات وإيجابيات فلنرفض سلبياته ونأخذ إيجابياته في الصناعة وفي علم الطب، علم الهندسة الوراثية... أكثر الذين يسبون الغرب على انه لا يوجد ولا إيجابية واحدة فيه، عندما يمرضون يذهبون إلى الغرب للعلاج في مستشفياته التخصصية. وهذا ما يسمى في علم النفس بالشزوفرينيا "الانفصام". يقول خالص جلبي: "ان بناء مؤسسات اللاعنف - التي هي أهم من المخابرات وفروع العلم - مسألة ضرورية لكل مجتمع" والدين الحقيقي هو ان تغفر عندما تغضب "وإذا ما غضبوا هم يغفرون" "الشورى: 37". لماذا لا نعلم شبابنا عن المارد الصيني المقبل؟ لماذا الصين ستكون خلال 20 سنة أكبر قوة اقتصادية في العالم؟ لماذا لا نعلم شبابنا ان أول آية نزلت "اقرأ" ولم يقل "اعبد"؟ لأن القراءة تقودك إلى العبادة ومن يقرأ أكثر يقترب من الله أكثر، ولماذا قرن الله القراءة بالكرامة "اقرأ وربك الأكرم" "العلق: 3"؟ لأن أكثر الشعوب قراءة هي أكثر الشعوب كرامة وأصبحت آية اقرأ لأمة هي لا تقرأ. إذا، فلنفكر في التنمية المعرفية، فلنستفد من آلامنا وأحزاننا بأن تقودنا إلى القوة المعرفية وليس القوة العضلية. اليهود وضعهم هتلر في أفران الغاز لكنهم هم الذين يمسكون العصب الإعلامي والاقتصادي في العالم. الوجع يجب ان يقودنا إلى العلم والاقتصاد وليس إلى إهمال المعرفة وتخريب الاقتصاد. قوة اليابانيين انهم طبقوا الآية "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك" "المائدة: 28"، بل أبسط يدي لأعرف سبب قوتك. ووجد اليابانيون ان قوة الغرب تكمن في عبقرية التنظيم وسلطة القانون وأن الإنسان محور التنمية وأن الاقتصاد شريان الحياة. يقول مالك بن نبي في وصفه لنكبة المرحوم جمال عبدالناصر "انهم تصرفوا كالأطفال في حل مشكلاتهم برفس الأرض والبكاء". ختاما، أتمنى من الشباب مشاركتي في مركز الحوار "تحت التأسيس" لنعيد قراءة العقل العربي. لنطالب بحقوقنا سلميا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1101 - السبت 10 سبتمبر 2005م الموافق 06 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً