العدد 1101 - السبت 10 سبتمبر 2005م الموافق 06 شعبان 1426هـ

"إسرائيل" توسع الاستيطان والأنظمة تتسابق في الاتصال

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

"إسرائيل" تخطط لتوسيع الاستيطان، وبعض الدول العربية تستعد على أكثر من مستوى لاستقبال مسئوليها بكل احترام وترحاب، وتركيا تقوم بدور التوسط لبناء علاقاتها مع الدول الإسلامية بالرغم من أن القائمين على السلطة فيها يعرفون الدور الإرهابي الاغتصابي لـ "إسرائيل" ضد الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يرسم علامة الاستفهام للعنوان الإسلامي الذي يمثله الحزب الذي ينتمون إليه، ما قد يوحي بأن الدور التركي خاضع للدور الاميركي لاعتبارات سياسية ضاغطة. والى جانب ذلك، فإن دولا عربية أخرى تقيم علاقات سرية غير رسمية مع الدولة العبرية، ما يؤكد رفضها لعروبتها وإسلامها لحساب "أمركتها" في الخضوع السياسي لإدارتها، وقد تحدثت وسائل إعلام العدو عن استقبال هذه الدول لرجال الأعمال اليهود بهويتهم الإسرائيلية لتسويق المنتجات الإسرائيلية في مجال التكنولوجيا العالية. ومن المضحك المبكي ما أدلى به الرئيس الباكستاني من أن المحادثات التي أجرتها حكومته مع "إسرائيل" "تتفق مع تعاليم الإسلام لأنه يسمح لأتباعه بالحوار مع أتباع الأديان الأخرى"، كما لو كانت القضية قضية اليهود والمسلمين من ناحية دينية وليست قضية غاصب مع مغتصب وصهيونية عنصرية محتلة لشعب فلسطيني مستضعف. ويقول: "إن الإسلام دين سلام، وقد تعايش قرونا في سلام ووفاق مع الأديان الأخرى ويستطيع ذلك في المستقبل"، ولكن غاب عنه أن هذا السلام الذي عاشه الإسلام مع اليهود قابله الصهاينة بالتحالف مع الغرب وباحتلال أرض العرب والمسلمين، والقيام بالمجازر الوحشية التي لم يعهد مثلها حتى من النازي الذي يتاجر اليهود باضطهاده لهم بالمحرقة وغيرها. لقد دافع المسلمون عن اليهود واستضافوهم وكرموهم في بلادهم، في الوقت الذي اضطهدهم فيه العالم الغربي، فقابلوا ذلك بطرد المسلمين ومعهم المسيحيون من بلادهم فلسطين، وما زالوا يمارسون الاحتلال الهمجي على الشعب الفلسطيني، حتى أن انسحابهم من غزة لا يزال يعيش في دائرة الإرباك والاهتزاز واللعب على أكثر من مسألة، في نطاق التشديد على إبقاء السيطرة العسكرية على أكثر من موقع في المعابر، من خلال وصية وزير حرب العدو بالعنف ضد الفلسطينيين الذين يمرون على المعابر الإسرائيلية. إن المشكلة التي يواجهها العالم العربي والإسلامي هي أن "الأمركة" أصبحت بديلا لديهم عن العروبة والإسلام، وأن الصهينة تحولت الى حال من الصداقة بدلا عن العداوة، من دون أن تحصل العروبة على أي مكسب سياسي وأمني أو يحصل الإسلام على أي موقع متقدم على جميع المستويات، بل إنهم قدموا التنازلات الحيوية المصيرية مجانا من دون مقابل، لأن القائمين على شئون الإسلام والعروبة لا يحترمون تاريخهم ومستقبلهم ولا شعوبهم، تماما كما قال الشاعر: من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام إن كل القضية لدى الأكثرين منهم أنهم وظفوا من قبل المخابرات المركزية من أجل إدخال شعوبهم في السجن الكبير بإشراف قوانين الطوارئ وأجهزة المخابرات، وتنفيذ المخططات الاميركية في مشاريعها للشرق الأوسط الكبير وغيرها، ما يحول المنطقة كلها الى منطقة خاضعة للاستكبار الاميركي لتجميد حركة التطور الصناعي والزراعي والعلمي والأمني، حتى تبقى مشدودة الى ما يريده المستكبرون في حاجاتها الحيوية. ومن ناحية أخرى، فإننا نخاطب الشعب الفلسطيني الذي بدأ يعيش حركة الاهتزاز الأمني الداخلي الذي نخشى أن يتحول الى حرب أهلية، ما يبرر للعدو أن يستفيد من ذلك في الحديث عن ضرورة نزع سلاح المقاومة، ومنع المجاهدين من الدخول في الانتخابات البرلمانية المقابلة تحت شعار الدفاع عن السلطة. إننا ندعو الفلسطينيين جميعا الى الأخذ بأسباب الوحدة الوطنية، ومنع الذين يستخدمون أساليب الاغتيال السياسي والأمني، لأن ذلك يجعل العدو ينتصر عليهم في السلم بما لم يستطع أن يحققه في الحرب. أما في العراق الذي تجاوز الكارثة المأسوية في جسر الأئمة، فإنه لا يزال خاضعا للعبة الاحتلال الاميركي وللمجازر اليومية التي تطال المدنيين الأبرياء، وللجدل الدائر حول مسودة الدستور في الخلافات القانونية أو في هوية العراق ووحدته، ما نريد له أن يستقر على قاعدة الإجماع الوطني من خلال الحوار الموضوعي الواقعي الذي يدرس مستقبل العراق ودوره الفاعل في المنطقة، باعتباره عنصرا تاريخيا قويا منفتحا على القضايا العربية والإسلامية الكبرى، ولا سيما القضية الفلسطينية، والانفتاح على المشكلات المتداخلة في الأوضاع المعقدة من خلال ضغوط الاستكبار العالمي الذي قد يخطط في المستقبل للتقسيم القانوني على أساس ديني أو عرقي أو ما الى ذلك. إننا نريد للعراقيين أن يرتفعوا الى مستوى الوعي في هذه المرحلة، ليحافظوا على وحدتهم الإسلامية التي تمثلت في التكاتف بين السنة والشيعة في كارثة جسر الأئمة، حتى أن أحد الشباب من المسلمين السنة وهو عثمان العبيدي ضحى بنفسه من خلال إنقاذه ستة من المسلمين الشيعة من الغرق عند الجسر. إنه الشاهد على أن العمق الإسلامي الإنساني الوطني لا يزال حيا في وجدان الشباب العراقي المسلم الذي نأمل أن يلتقي الجميع عنده من أجل مستقبل الوحدة للوطن كله. أما لبنان، فإننا نريد لـه أن يلتقي بجميع طوائفه في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ودعم المقاومة، والانفتاح على العروبة الحضارية الحرة المواجهة للاستكبار العالمي، والتحرر من أية وصاية اميركية أو أوروبية، ليحقق الحرية والاستقلال للشعب كله بعيدا عن الألاعيب الخارجية الدولية التي تديرها كهوف السفارات التي بدأت تتدخل في الصغير والكبير. إن على المؤمن أن لا يلدغ من جحر مرتين، فكيف وقد لدغنا من التحالف الاميركي الإسرائيلي آلاف المرات

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1101 - السبت 10 سبتمبر 2005م الموافق 06 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً