في سابقة هي الاولى من نوعها منذ تولي صاحب الجلالة الملك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في العام 1999 شارك مندوب حكومي في احتفالات اعياد ميلاد المسيح(ع) التي عقدتها الكنيسة الانجيلية بالمنامة مساء امس.
وحضرت «الوسط» مراسم القداس مع الوكيل المساعد للشئون الاسلامية الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة الذي صرح قائلا « في خضم المشروع الاصلاحي الكبير الذي دشنه جلالة الملك ورسّخ من خلاله مبادئ الحوار بين القيادة والشعب، من هذه القاعدة العريضة انطلقنا الى مؤتمر الحوار الاسلامي المسيحي ونتطلع في المستقبل القريب إلى ان ينعقد قريبا مؤتمر التقريب بين المذاهب الاسلامية. فحرص القيادة الرشيدة على جعل مملكة البحرين مملكة وسطية، مملكة حوار، مملكة اعتدال وسلام ومحبة، هذه التعاليم التي جاء بها انبياء الله جميعا. فالامام علي (كرم الله وجهه) قال الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق. وهذه المنطلقات السماوية جسدها جلالة الملك على ارض الواقع ونرى اليوم المشاركة الرسمية مع الاخوة المسيحيين في البحرين ناهيك عن مساندة الكنيسة في البحرين التي انشئت في اوائل القرن الماضي، وهي كنيسة قديمة ونحن نظراء في الخلق ونعتز بثقافتنا وبقيادتنا التي ارست هذه الانطلاقة الواسعة».
لا يمكن أن يتجاهل أي بحريني الشارع المؤدي إلى الكنيسة الانجيلية الوطنية وجامع الفاروق الكبير ومقبرة المنامة التابعة للاوقاف الجعفرية ومقبرتي المسيحيين واليهود البحرينيين التي لا تبعد عن هذا الموقع سوى بضعة أمتار... ففي تلك النقطة تلتقي المذاهب والأديان في قلب المنامة القديمة. وتقليديا قطنت العوائل البحرينية المسيحية في الطرف المحاذي لمستشفى الإرسالية الأميركية الذي هو مكان مدرسة الرجاء الحالي. وترجع أصول غالبية العوائل المسيحية البحرينية إلى العراق وايران وبيوتهم كانت متلاصقة مع بيوت المسلمين البحرينيين.
عائلة «نصيف» مثلا كانت احدى العوائل المسيحية التي اعتادت توزيع الهدايا والشوكولاتة بأنواعها على أهالي فريق العوضية والفاضل والمنطقة المتاخمة لكنيسة القلب المقدس في أيام احتفالات الميلاد، بل كانت أبواب منازل العوائل البحرينية المسيحية عموما مفتوحة طوال فترة الأعياد لاستقبال أصدقائهم من المسيحيين والمسلمين وغيرهم. وهو ما سرده لـ «الوسط» محمود محمد أحد أهالي العوضية ممن عاصروا تلك الفترة. وأضاف «أعياد الميلاد كانت تعتبر عطلة رسمية أيام الوجود البريطاني في البحرين بل كانت أجراس الكنائس تدق بشكل اعتيادي مقارنة بوقتنا الحالي معلنة مواعيد الصلاة وليلة عيد الميلاد ورأس السنة».
وأوضح يوسف حيدر (رئيس مجلس إدارة نادي البحرين للتنس وأحد مسئولي مستشفى الارسالية) أن «الاحصاءات التي أعلنت في المؤتمر الاسلامي المسيحي الاخير في البحرين تشير الى ان عدد المسيحيين البحرينيين يصل الى 800 منهم 150 فقط من أصول بحرينية». وأضاف «غالبية المسيحيين البحرينيين عايشت التسامح الديني مع اخوانهم المسلمين طوال السنوات الماضية وكانت غالبيتهم تتبع المذهب البروتستانتي أما الان فقد حدث تزاوج مع مذهبي الأرثوذكس والكاثوليك».
واوضح ان «مراسم الاحتفال بأعياد الميلاد لا تختلف كثيرا في البحرين اذا ما قورنت بالبلدان العربية الاخرى. فالعادات قريبة كالتي موجودة في لبنان وفلسطين ومصر». ونوه حيدر بـ «ضرورة التأكد من طبيعة كنائس الجماعات المسيحية المسجلة رسميا في وزارة العمل التي دخلت البحرين منذ سنوات قليلة. فهناك خمس كنائس معترف بها داخل الوسط المسيحي البحريني وهي: الكنيسة الانجيلية الوطنية (أقدم كنيسة في البحرين والخليج منذ العام 1911)، وكنيسة القلب المقدس (الكاثوليك) وكنيسة سانت كريستوفر (الإنجيلية الاسقوفية)، وكنيسة سانت ماري الارثوذكسية السريانية وأخيرا كنيسة عوالي (متعددة المذاهب)».
واعتبر حيدر مشاركة مندوب حكومي في الاحتفالات هذا العام إشارة على مدى التسامح الديني الذي يشهده المجتمع البحريني الذي طالما عاش هذه الأجواء بحرية متعارف عليها منذ القدم وحتى الآن وخصوصا حين يتعلق الأمر بممارسة الشعائر الدينية. ومن جهتها وجهت عضو مجلس الشورى ألِس سمعان إلى مسيحيي البحرين تهانيها بالعيد المجيد في تصريح مقتضب لـ «الوسط» قائلة: «إن هذه مناسبة لإحلال السلام على جميع شعوب العالم وتحية من القلب لأهالي بلدي البحرين».
وتوجد في البحرين حاليا حوالي ست أسر مسيحية بحرينية وهي حيدر ونصيف وسمعان واوجي ووديع وانطون
العدد 110 - الثلثاء 24 ديسمبر 2002م الموافق 19 شوال 1423هـ