العدد 1098 - الأربعاء 07 سبتمبر 2005م الموافق 03 شعبان 1426هـ

دولار واحد يوميا!

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

لا يمكننا توصيف الليبرالية العربية الجديدة في الخليج سوى كارتداد عن مجمل المنجزات الغربية التي صنعها إنسان الغرب عبر كفاح طويل، ولا يسعنا في إطارنا العربي سوى ان نصفها بأنها "نكسة" أو أنها "طفل مسخ". الدول العربية مازالت مثالا للاقطاعيات، ومازال الاقطاعيون "الليبراليون الجدد في الخليج" ينهبون من هنا وهناك أقوات الناس بلا رحمة أو خجل. ليست المشكلة تحديدا في قيام إمبراطوريات اقتصادية هنا وهناك، لكن المشكلة هي ان هذه الإمبراطوريات تمارس لعبة الإعلام بدهاء، أصبحت تتلاعب بالرأي العام العالمي أو على الأقل تحدد أولويات اهتماماته، هذه الأجندة الخاصة تزداد فاعلية في أوقات الحروب أو الصراعات السياسية في أية منطقة سياسية مزدحمة أو شائكة، بل ان الأجندات الخاصة بالحرب الأميركية على العراق حوت تدخلات مباشرة من إمبراطوريات أميركية معروفة كجنرال إليكتريك أو مجموع شركات الصلب في الشمال الأميركي، أو حتى شركات النفط الأميركية. إن تمثلات الليبرالية الجديدة في آسيا أو إفريقيا تحمل معها صورة خاصة ومحددة المعالم، سياسيا واقتصاديا لن تذهب هذه الصور المستنسخة للسوق العالمية المفتوحة إلى خلاف الترويج لمصالح الدول العظمى، بمعنى أن شدة التوتر السياسي العالمي فرض على المنظمات الدولية التدخل في أكثر من منطقة صراع عالمية، وفي الغالب مجمل هذه التدخلات كانت تصب في مصلحة القوى العظمى، هذه الصورة لن تكون مقلوبة مع كيانات ضعيفة تدخل السوق الكونية الجديدة كتجار صغار جدد، سيعملون في دعم مصالح القراصنة الكبار. من أبرز إشكالات الليبرالية الجديدة "إشكال الأمن"، فلم تعد التقسيمات السابقة "وطني، إقليمي، قاري، عالمي" سارية المفعول على الصعيد الأمني، فالعالم اليوم هو قرية تجارية صغيرة، أو سوق قرية واحدة، فرضت هذه الرؤية تخطي الخطوط والقوميات والهويات والكيانات التاريخية، لنهاية واحدة مشتركة وكونية للجميع، ومن الملاحظ خلال العشر سنوات الماضية ان مجموع الصراعات العسكرية والأمنية العالمية كانت عبارة عن تدخلات مباشرة في شئون دول أخرى، لكنها تدخلات لا تحمل صفة التدخلات العسكرية الكلاسيكية، بل هي أكثر عمقا، ولعلها أكثر شرعية! يذهب التقرير الاستراتيجي العربي إلى وصف العقيدة الليبرالية الجديدة بأنها "عقيدة "الانصياع لواشنطن" وهي العقيدة التي ستكون المرجعية الوحيدة لاقتصادات العالم وتتمثل في: تقليص الموازنة، المزيد من الإعفاءات الضريبية، خفض الإنفاق الحكومي، تحرير التجارة وسوق تبادل العملات، وطرح عمليات الخصخصة، فالحلول واحدة لجميع المشكلات ولكل الدول"! فرض صندوق النقد الدولي "وزارة المالية الليبرالية الكونية الجديدة"، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، ومجموعة الدول الثماني الكبار، وغيرها من المنظمات منظومة اقتصادية عالمية "إجبارية"، وهي بهذا تذهب إلى نهاية العالم بتوحش المال. إن عالما وصل حجم عمالة الأطفال فيه إلى 300 مليون طفل، وفق تقرير منظمة العمل الدولية، تكاد تنتهي آخر إنسانيته، أصبحت دولنا تزيد من تقليص مخصصات التعليم والصحة في سبيل ما يسمى باستقطاب الاستثمارات الأجنبية. يقول رئيس مجموعة ABB بيرسي برنيفيك عن مفهومه للعولمة "انها الحرية لكل فرع من فروع مجموعة الشركات التي أرأسها لتستثمر أينما وحينما تشاء، ولتنتج ما تحب أن تنتجه وتبيع ما تود بيعه، كل هذا من دون أن تواجه أية معوقات حتى لو كانت بسيطة من قبل أية قوانين لتنظيم العمل أو أية تشريعات اجتماعية". ولذلك تحديدا يعيش أكثر من 500 مليون شخص بدخل يقدر بأقل من 1 دولار يوميا

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1098 - الأربعاء 07 سبتمبر 2005م الموافق 03 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً