العدد 1094 - السبت 03 سبتمبر 2005م الموافق 29 رجب 1426هـ

الإصلاح الاقتصادي وتوجيهات الاستثمار

عبدالله محمد الصادق comments [at] alwasatnews.com

-

تشهد البحرين اهتماما واسعا بموضوع الإصلاح الاقتصادي. فلقد دشنت مرحلة الإصلاح السياسي التي تلت مرحلة الاستفتاء الشعبي الواسع على ميثاق العمل الوطني انتهاء حقبة من زمان الركود السياسي وغياب دور المجتمع المدني الجاد في المشاركة الفعالة في صنع القرار السياسي وما يتصل به من القرارات المجتمعية الأخرى وفي صدارتها القرار الاقتصادي.

وقد اهتمت النخب الاقتصادية في مرحلة ما بعد قرار الميثاق الوطني بقضايا التنمية الاقتصادية. وضمن هذا السياق يمكن الاشارة إلى الندوة الجماهيرية الكبيرة التي نظمتها جمعية الاقتصاديين البحرينية بنادي الخريجين في الفترة ما قبل الاستفتاء الشعبي إذ ناقش المتحدثون والجمهور الحاشد حينذاك باستفاضة التنمية الاقتصادية في ظل الميثاق الوطني.

ولقد تبعت هذه الندوة فعاليات اقتصادية كثيرة. ولقد شكلت موضوعات النمو، سوق العمل، الأجور، الفقر وشبكة الامان الاجتماعي، ورفع انتاجية القطاعات الضعيفة اقتصاديا وخصوصا القطاع غير المنظم عناوين تلك العفاليات الاقتصادية.

ولقد تم رفد هذه الفعاليات الاقتصادية بالكثير من الدراسات والبحوث العلمية الرصينة التي تناولت هذه الموضوعات وأثرت بالتالي الحوار الاقتصادي الدائر في أوساط المجتمع. ولقد كان للاقتصاديين البحرينيين الأدوار الرائدة في بلورة هذه الدراسات وأغنائها برؤاهم.

وضمن تفاعلات هذه المرحلة برزت اطروحات شركة "ماكينزي" - وهي شركة استشارية دولية - للإصلاح الاقتصادي وتمثل ذلك في مشروع إصلاح سوق العمل وما سيتبعه من إصلاح اقتصادي وإصلاح التعليم والتدريب.

ولقد رحبت النخب الاقتصادية البحرينية بمساهمات هذه الشركة في قضايا التنمية الاقتصادية في البلاد. وتجاوبت هذه النخب مع اطروحات هذه الشركة بصورة ايجابية اغناء للنقاش وسعيا لدعم المشروع الإصلاحي.

وفي ضوء الجوانب الكثيرة لمشروع الإصلاح الاقتصادي، فإن هذه المداخلة ستقتصر على مناقشة موضوع دور الاستثمار في الإصلاح الاقتصادي.

الإصلاح الاقتصادي وأهمية الرؤية الاقتصادية:

قبل البدء في مناقشة موضوع الاستثمار، ينبغي الاجابة على السؤال الآتي:

ما هو الهدف من الإصلاح الاقتصادي؟

ينبغي القول إن هناك اتفاقا واسعا بين الاقتصاديين على ان نموذج التنمية الحالي الذي هو أقرب إلى نموذج التنمية الريعية قد استنفذ عناصر نجاحه. وبالتالي أصبحت هناك ضرورة ملحة لتحديد الملامح الأساسية للرؤية الاقتصادية الجديدة للاقتصاد البحريني آخذا في الاعتبار المتغيرات الاقتصادية المستجدة سواء فيما يتعلق بالمفاهيم والأفكار الاقتصادية أو على مستوى الدول والمجتمعات. وبحكم عدم القدرة على الدخول في تفاصيل هذه المتغيرات في هذه المداخلة فإنني أقترح أن تتمثل هذه الرؤية الاقتصادية الجديدة في نموذج التنمية الاقتصادية المستدامة. هذا النموذج ليس جديدا على المتابع للأدبيات الاقتصادية الجديدة. والكثير من المؤسسات العلمية والدولية أصبحت تقترب من هذا المفهوم بشكل أو بآخر.

ويبقى القول إن الاتحاد الأوروبي وهو أكبر وأحدث مشروع تنموي في القرن العشرين تبنى هذا المفهوم في دستوره الجديد. فلقد حدد الدستور الأوروبي الملامح الأساسية لهذا النموذج بالتنمية الاقتصادية المستدامة الذي يهدف إلى تنمية تعتمد على نمو اقتصادي متوازن، استقرار الأسعار، اقتصاد سوق اجتماعي عالي التنافسية، تحقيق تشغيل كامل، تقدم اجتماعي، ومستوى عال من حماية وتحسين نوعية البيئة، وتعزيز التقدم العلمي والتقني. كما ويهدف هذا النموذج إلى محاربة التمييز والتهميش الاجتماعي، وتعزيز العدالة والحماية الاجتماعية والمساواة بين الرجل والمرأة، والتضامن بين الأجيال، وحماية حقوق الأطفال.

وفي اعتقادي الشخصي، فإن هناك حاجة ملحة إلى قراءة بحرينية مستفيضة لملامح وعناصر هذا النموذج وبحث آليات ووسائل تنفيذها. ويتطلب تحقيق ذلك جهودا متضافرة. وكما يقال، فمن السهل الحديث عن الرؤية والطموح ولكن الصعوبة تكمن في توفير مستلزماتها. وبالتالي، فإن أهم التحديات القادمة هي تضيق الفجوة ما بين الطموح والمقدرة على توفير عناصر هذا الطموح.

الاستثمار والإصلاح الاقتصادي

قبل البدء في مناقشة دور الاستثمار في الإصلاح الاقتصادي. فإنني أود الاشارة إلى المؤشر الاساسي للنشاط الاقتصادي في أي مجتمع. وهو الناتج المحلي الاجمالي. ونعني بهذا المصطلح "قيمة جميع السلع والخدمات التي يتم انتاجها داخل مملكة البحرين بغض النظر عما إذا كانت الشركة بحرينية أو أجنبية موجودة في البحرين أو اذا كان العامل بحرينيا أو أجنبيا مقيما في البحرين".

وقبل أيام صدرت الحسابات القومية لعام 2004 حينئذ تم نشر الأرقام الجديدة للناتج المحلي الاجمالي ومعدل نموه.

السؤال الأساسي الذي أحب أن أشير اليه وهو مفيد خصوصا للمتتبعين للشئون الاقتصادية وهو: لماذا يتغير الناتج المحلي الاجمالي إلى أعلى أو أسفل؟

الجواب العلمي على هذا السؤال هو أن الناتج المحلي الاجمالي يتغير بسبب ان الطلب يتغير إلى أعلى أو أسفل.

ويمكن للناتج أن يتغير لأسباب أخرى مثل الكوارث الطبيعية أو الازمات السياسية كالاضرابات أو قوانين تفرضها الدولة على مستويات الانتاج ولكن هناك اتفاق واسع بين الاقتصاديين أن الطلب - الرغبة والقدرة على شراء السلع والخدمات - هو عامل مهم لاستمرار انتاج السلع والخدمات.

وعليه، فإن السؤال الآتي: من أين يأتي الطلب ومن الذي يجعله يزداد أو ينخفض؟ والاجابة على هذا السؤال ستفتح لنا موضوع الاستثمار.

فالطلب يأتي من جهات محددة وهي:

1- الأفراد - استهلاك.

2- القطاع الخاص - الاستثمار.

3- الخارج - الصادرات.

الجدول رقم "1" يوضح توزيع عناصر الناتج المحلي الاجمالي بحسب الانفاق ولكن ما هو المحرك الأساسي لنمو الناتج المحلي الاجمالي؟

والجواب العلمي: هو الاستثمار

والاستثمار يشكل مؤشرا أساسيا لمعدل النمو المستقبلي للناتج المحلي الاجمالي + ويشكل مؤشرا أساسيا في تحديد الدورة الاقتصادية القادمة ازدهار - ركود - كساد.

وعليه، فإن السؤال الأساسي هناك ماذا نقصد بالاستثمار؟

الاستثمار لا يقصد به شراء الأسهم أو السندات كما يبدو للمرء. الاستثمار يقصد به توجيه الأموال إلى خلق سلع رأس مالية Capitl Good.

والسلع الرأس مالية هي السلع المادية التي ينتج عن استخدامها عائد.

وأخيرا الاستثمار هو المحرك الاساسي للنمو الاقتصادي.

- ما هو دور معدل الاستثمار في الاقتصاد البحريني؟

- معدل الاستثمار في الاقتصاد البحريني مقارنة بالدول الخليج؟

العدد 1094 - السبت 03 سبتمبر 2005م الموافق 29 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً