لم تمض أيام على قول وزير الخارجية الإسرائيلي سليفان شالوم بأن على الدول العربية أن تدفع ثمن الانسحاب الإسرائيلي من مستوطنات قطاع غزة في فلسطين وهو تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" حتى تفاجأ العالم بان أول خطوة اتخذت في سبيل تحقيق هذه الغاية الإسرائيلية هي بداية التطبيع مع باكستان البلد الإسلامي الكبير ما سيكون له طبعا أكبر الأثر، كما يتوقع الإسرائيليون أن يزيل حاجز التردد للدول العربية المعنية بقول شالوم وهي طبعا دول إسلامية أيضا متشجعة بالخطوة الباكستانية.

لماذا تم اختيار باكستان لتكون بداية خطوات التطبيع المتوقعة؟ ولم تكن البداية من قلب الوطن العربي كالعراق مثلا لأنه واقع تحت نير الاحتلال وقد صار ساحة مفتوحة ومرتعا لـ "الموساد"؟ حكومة الرئيس الباكستاني برويز مشرف هي أضعف حلقة في العالم الإسلامي وشهدنا من قبل تعاون هذه الحكومة مع "التحالف المناهض للإرهاب" في شن الحرب على جارتها المسلمة أفغانستان كما أن هذه الحكومة تخلت طواعية عن برنامجها النووي وهي في مواجهة قوي نووية جارة تكن لها العداء وتهدد أمنها، كما أن هذه الحكومة العسكرية أخذت تتمادي في تمكين سلطاتها العسكرية وتضع كل الحواجز والعراقيل أمام التحول الديمقراطي في باكستان، في حين يضج حلفائها الجدد في كل العالم زاعمين رغبتهم في إحداث تغيرات ديمقراطية. اختيرت باكستان لأنها بالضعف الذي تعيشه حكومتها ستحقق كل ما يطلب منها في سبيل استمرارها في الحكم ونيل الرضا من الغرب وقد كان.

الخطوة الباكستانية سيكون لها عواقب خطيرة على الوضع الداخلي ويبدو أن مشرف لم يتعظ من محاولات الاغتيال الكثيرة التي تعرض لها وظن انه بإصدار أحكام الإعدام الأخيرة بحق بعض المتهمين سيكون في مأمن. وعليه فمن المتوقع أن يخيب ظن العدو في تحقيق مكاسب ويبدو أن انعكاسات هذه الخطوة ستجعل كل من يفكر في تقليدها يفكر أكثر من ألف مرة قبل أن يخطو مثلها