العدد 1088 - الأحد 28 أغسطس 2005م الموافق 23 رجب 1426هـ

حاجتـنا إلى "الديمقراطيا" كحاجتنا إلى الهواء

ابراهيم عباس نتو comments [at] alwasatnews.com

يحتاج تحقيق الديمقراطيا أول ما يحتاج. .. إلى "الحرية"؛ مثلما يحتاج "التعبير" بأنواعه، وكذلك الاختيار والأداء. وفي هذا السياق، تحتاج الديمقراطيا إلى سبعة مكونات ترتكز عليها: 1- القوانين البينة والمنصفة؛ 2- القضاء المستقل؛ 3- شفافة الصحافة وحريتها؛ 4- احترام مبدأ وتطبيقات "الغالبية"؛ 5- نمو الطبقات الوسطى؛ 6- الأسواق المحررة، مع فرص العمل المناسبة؛ 7- توافر المرونة لإحداث التغيير"... والإبداع.

ولكيلا تتحول "التعددية" إلى لفظة مجردة أو جوفاء، فإن أوجه توظيفها وتفعيلها يجب أن تشمل: احترام الإنسان الإنسان؛ تحمل الفرد رأي الفرد الآخر؛ عدم إلغاء موقع ودور الآخرين... أي عدم "مصادرة" وجهات نظر الآخر. ففي التعددية الحل؛ بل وفي التعددية النجاة، في شتى المناحي... بما في ذلك "العبادات".

ومن معاني التعددية والحرية هنا تفعيل الجمعيات، والنوادي والنقابات؛ ومنها خصخصة وسائل الإعلام؛ وتقبل تكوين الجماعات "المطالبة" أو "الضاغطة"... التي تعبر عن مختلف المطالب، ويكون ذلك عادة عن طريق التنظيمات السياسية الأحزاب. كما أن من أوجه "التعددية" توفير الفرص للمنافسة في كل مناكب الحياة، بما فيها عند الولوج إلى دور العلم والتعليم... وفي الخروج إلى مجالات العمالة والتدريب.

"الشورى" تتطلب التدرب على "التشاور"!: قبل أن يبدأ الواحد منا عن التحدث عن "الشورى" ومقومات "التشاور"... فإنه يحسن أولا الولوج في موضوع أساسي تتطلبه عملية التواصل والتفاهم، تلك العملية قد تبدو بسيطة وطبيعية.."الاستماع"، ولكننا نجد أنها عملية أكثر من بسيطة، فيحسن بنا استعراض عناصرها الأربعة، التوجه، الإنصات، الاستيعاب، والإدراك.

1- التوجه: يلزمنا التوجه إلى من يتفاعل معنا، يتحدث إلينا، من يود أن يتفاهم معنا. فقد نجد أنه حتى هذا "التوجه"... قليلا ما يتحقق! ولهذا، علينا أن نتدرب على الاستخدام المباشر للوجه والعين "إضافة إلى الأذنين طبعا" وذلك في أثناء "مواجهة" الشخص الذي نتواصل معه... وبشيء من الابتسام وبالوافر من الاحترام. "يحدث مرارا أن يظل أحد المتحادثين/ "المتحاورين"، أو كليهما!" موجها بصره إلى غير وجه أو حتى جهة محادثه، بل نجده متوجها إلى الجدار أو النافذة أو حتى التلفاز، أو ربما متشاغلا بتحريك مسبحة الزينة التي بين كفيه!

2- الإنصات: وذلك بأكثر من مجرد الاستماع، بل بـ "الاستماع الكامل"... على نمط "استمعوا... وأنصتوا".

3- الاستيعاب: مما يساعد في تثبيت هذه المرحلة من الاستماع... أن نقوم بتدوين ولو أهم النقاط أو "رؤوس الموضوعات".

4- الإدراك، وهي المرحلة الأخيرة التي تأتي تمهيدا لـ "الفهم"، الذي "يقارب" اليقين، لعل وعسى!

فينبغي علينا أن نمرن أجيالنا باستمرار على هذه المقومات الأربعة "للاستماع"، سعيا للتفهم والتفاهم، حتى تتوطد العلاقة التفاهمية التشاورية بين المتحدث والمتلقي، بين المرسل والمستقبل، في علمية "دينامية" ثنائية التواصل، بشقيها: الإرسال والاستقبال، الارسقبال... إن صح لي النحت هنا."

فالاستماع للرأي "الآخر" يتطلب الإنصات، والاستماع وحده لا يغني؛ فـ "الإنصات" مفهوم وعملية أعمق وأهم من "الاستماع"،.. فلرب مستمع والقلب في صمم! وأثناء مناقشة عملية "التشاور" قد يكون مناسبا الإشارة إلى الفرق الأساسي بين الصيغة ثنائية الجانب، إلى وجود طرفين اثنين في تعامل تعادلي متقابل، كما في كلمة "تشاور"، على وزن "تفاعل"، وهي لفظة وفكرة ثنائية الشكل والوظيفة؛ وهناك مثيلاتها من المفردات "الثنائية" المعتمدة على طرفين مثل: "تعامل"، "تقاسم"، "تحادث" "مفارقة مع المفردات والمفاهيم "أحادية" الجانب والاتجاه: "عمل"، "قسم"، "حدث"".

ولنتذكر أنه "حتى" عندما نتبع تلك الخطوات الأربع في عملية التواصل والتفاهم والتشاور، فإن تحقيق النتيجة الإيجابية المثلى بين أي طرفين متحاورين سيظل مسألة وهدفا محفوفا بشيء من الشك، وخصوصا إذا وضعنا نصب أعيننا أننا نتعامل مع "طرفين" مختلفين... حتى ولو كانا توأمين.

ثم أن فكرة التشاور تنبئ عن عملية تمازج وعصارة واستخلاص؛ فإن على كل من طرفي عملية المحادثة - المحاورة -المشاورة أن يسعى جاهدا مجتهدا إلى الإتيان بأحسن ما عنده من عصارة أو "شيرة" "وفيها الجذر والأصل في: "شاور"، "شاورهم"،... و"شورى"!"

كما أن علينا في نهاية المطاف أن نتذكر أن بلوغ الحقيقة، بمعنى إدراك "المقصود الواقعي" و"التفاهم الفعلي" بين المتحاورين... يبقى - وفي أحسن الأحوال - مأمولا بعيدا.

بل ويظل "ضالة" الناس أجمعين.

* كاتب سعودي مقيم في البحرين

العدد 1088 - الأحد 28 أغسطس 2005م الموافق 23 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً