من المؤكد أن كثيرا من التجار مستاؤون من تنظيم الجهات المعنية بعض المعارض التي تختص بالبيع والشراء وليس بهدف العرض فحسب، إذ هذه المعارض تتحول بشكل وآخر إلى "بازارات" شعبية تبيع مختلف السلع التي ربما يتوافر كثير منها في السوق المحلية أو حتى تكون بحرينية المنشأ.
ولا يلام هؤلاء التجار على امتعاضهم الشديد من هذه المعارض، فهناك عدد من المختصين والضالعين في صناعة المعارض - النامية عالميا وإقليميا بشكل مهول - يصرحون بأن معارض البيع والشراء أو ما يطلق عليها بالبازارات لا تعتبر صناعة معارض حقيقية، إذ إن الهدف من إقامة المعارض في أي بلد هو تحريك الوضع الاقتصادي فيه وبث النشاط في فترات الكساد أو حتى في الأوقات الاعتيادية إذ لا تعتبر هذه الصناعة ضمادات حيوية ودعامة لا غنى عنها لكثير من الاقتصادات.
والمساهمة الحقيقية للمعارض والمؤتمرات تكمن في مدى استفادة الشركات البحرينية والتجار البحرينيين من عقد شراكات أو إبرام عقود لتنفيذ مشروعات بين الأطراف الوطنية والشركات الكبيرة، أو حتى اكتساب خبرة والاطلاع على آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا والتطورات في مجال ما. والكثير من الفوائد التي يحققها أي اقتصاد من المعارض.
وعلى رغم وجود معارض كبيرة تقام في دور عرض شهيرة في العالم، فإن القائمين على صناعة المعارض في المملكة يفرقون بين الوضع في البحرين والمعارض المقامة وبين معارض عالمية مشهورة تخصص للبيع والشراء.
وعلى رغم ما يطرحه البعض من خصوصية للبحرين عن باقي الدول، فإن المستهلك البحريني مازال يضيق ذرعا بالأسعار العالية للسلع المتوافرة في السوق، وهو يرى في هذه المعارض ملجأ أو بوابة خلفية للهروب من نار الأسعار التي بدأت ترتفع في الأسواق الشعبية ناهيك عن المجمعات التي تنتشر يوما بعد يوم لتسحب البساط عن المحلات التي تقدم سلعا مقبولة وبسعر معقول.
لا يبدو أن المواطن سيكترث كثيرا بأقوال التجار في هذا المجال وسيعتبرها نوعا من زيادة الجشع نحو الثروة ونيل الأرباح من شريحة واسعة من المستهلكين، وبين التاجر والمستهلك سجال طويل قد يكون عقيما إذ استمر ولم ينتج حلولا مقبولة.
وربما كان على الطرفين أن يتنازلا قليلا عن عنادهما وقبول التجار بعدد من المعارض المخصصة للبيع والشراء يبدو خطوة جيدة في البداية، فهو يمنحهم متنفسا أكبر نحو تطوير خدماتهم والبضاعة التي يقدمونها ومحاولة إيجاد قنوات أوسع لتقليل الأسعار أو حتى وضعها في إطار مقبول لشريحة متوسطي الدخل في ظل تضخم تشهده الأسعار في السلع الاستهلاكية، ومن جهة أخرى على المستهلك أن يتريث قليلا ويعيد تقييم مواقفه المسبقة من التجار فهم في نهاية المطاف جزء من الحركة الاقتصادية في البلد وأن المواقف التي تضر بهذا التاجر لن تكون كلها بالتأكيد تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.
في النهاية الأمر كله يتطلب تفهما أكبر بين مختلف الأطراف، المستهلك، التاجر، الجهات المعنية في المملكة، وهذا الانسجام والتناغم يتطلبان مزيدا من خلق قنوات للحوار والابتعاد عن التشنج في الآراء، ومحاولة اكتشاف آفاق أرحب للابتكار وامتصاص ما يمكن أن تؤثر به هذه المعارض على التجار في سوق محلي صغير
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1080 - السبت 20 أغسطس 2005م الموافق 15 رجب 1426هـ