قد تكون تفاصيل الموازنة التي نشرت أمس في "الوسط" هي أول تفاصيل عن موازنة موسعة تظهر إلى العلن ما يوحي بفترة من الشفافية المطلوبة التي نفتقدها، إذ كانت الموازنات السابقة للدولة تتم بسرية لا يعرف عنها أحد ولا يستطيع كذلك مناقشتها أحد وهذه خطوة متقدمة تحتسب إلى وزارة المالية التي يحاول الوزير الجديد الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة أن ينقلها إلى مستوى جديد ومتقدم وتعمل بكل شفافية لا تخفي الأرقام عن أحد وهذه هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع الشعوب المتقدمة كما نقل مؤسسة النقد عندما كان يرأسها إلى مستوى متقدم.
كما أوضحت أرقام الموازنة أن النفط لايزال يشكل العمود الفقري للدخل القومي في البحرين أسوة ببقية دول المنطقة وهذا يبين أننا لانزال نعيش على أسعار النفط فكلما ارتفعت ازدهر الاقتصاد وكلما هبطت أو تأرجحت تأرجحنا معها وأن الاقتصاد البحريني - على رغم الأحاديث الكثيرة - لايزال غير متنوع بما فيه الكفاية لكي ينقلنا إلى وضع يمكن الاعتماد عليه لبناء وطن يقدم الرفاهية لمواطنيه أسوة ببقية البلدان.
هناك دول كثيرة تستورد النفط ولكن اقتصاداتها مزدهرة بسبب تنوع الدخل وعدم الاعتماد على مصدر واحد يمكن أن ينضب وخصوصا نحن نرى كيف أن الحقول المحلية تجف يوما إثر آخر مثل المياه العذبة التي كنا نشتهر بها في السابق ولكنها جفت أو هي في طريقها إلى الاندثار تماما على رغم محاولات بسيطة لكي نعيد إليها الحياة من جديد.
المعروف لدينا جميعا أن البحرين ليست بلدا سياحيا لعدة أسباب منها اجتماعية وثقافية ودينية، بل وحتى بيئية وعلى رغم ذلك فإننا نحاول بناء صناعة سياحية على الأكتاف وعلى المبادئ. كما أنها بلد ليس صناعيا بسبب صغر المساحة وقلة المواد الخام الطبيعية وهي كذلك بلد زراعي، فالماء أغلى من النفط، فما بقي إلا قطاع الخدمات.
وما دام أن البحرين بلد خدمات معترف به فمن الأولى أن تكون الخدمات التي نقدمها هي الأفضل ويجب أن نركز في هذا المجال على الخدمات بجميع أنواعها خصوصا تلك المتعلقة بالمصارف والمؤسسات المالية العاملة في الدولة وتطهير الدوائر التي لا تستطيع القيام بواجب ازدهار هذه المملكة وتبوئها مكانة مرموقة يحسب لها حسابا في المحافل الدولية.
أحد الأشخاص الأعزاء سألني عبر الهاتف سؤالا محرجا ولم أستطع الجواب عليه، وهو من الذي يقود من؟ فهل مؤسسة نقد البحرين تقود المصارف أم المصارف هي التي تقود المؤسسة؟ أترك المجال إليكم للإجابة
العدد 1077 - الأربعاء 17 أغسطس 2005م الموافق 12 رجب 1426هـ