تعتبر وسائل الإعلام من إذاعة وتلفزيون من الأدوات المساهمة في رفع أو انخفاض مستوى الوعي العام لدى قطاعات المجتمع المختلفة. .. وفي الدول التي تخطوا خطواتها الأولى على سلم الديمقراطية فإنه يتحول هذا السلم إلى سلم موسيقي يتم عليه عزف رأي السلطة التنفيذية في الدولة، وتجاهل السلطات الأخرى التي ينبغي الوقوف على رأيها لما تمثله من وجاهة دستورية وقانونية وتمثيل للإرادة الشعبية في الواقع المعاش.
إن تحويل، جهاز كالإذاعة مثلا، إلى بوق للسلطة التنفيذية والتي هي احدى السلطات في الدولة فهناك السلطة التشريعية والقضائية، والسلطة الرابعة "الصحافة" والسلطة الخامسة "مؤسسات المجتمع المدني"، كل هذه السلطات من حقها أن تطرح رأيها في البرامج المقدمة في الإذاعة وذلك في ظل عدم وجود قنوات تعبر من خلالها عن آرائها، ويجب كسر احتكار السلطة التنفيذية للإذاعة من أجل مساحة أكبر لمختلف التوجهات والمؤسسات في الدولة.
مسح الجوخ وتصوير المشهد السياسي وكأنه ليس مأزوما هي سياسة شمولية ابتدعتها الأنظمة البائدة، وعفا عليها الزمن. فالفضاء المفتوح والتواصل الإلكتروني والانترنت وعصر المعلوماتية الذي نعيشه قد قطع الطريق على سياسة الرأي الواحد والصحيح دائما، وليت الإذاعات العربية تفهم ذلك الأمر.
إن للبرامج الإذاعية دورا حساسا في رفد المجتمع بمختلف الآراء والتوجهات، وليس من المنطق أن يكون الوضع في الإذاعات كما السابق في عصر قانون أمن الدولة المقبور، إذ تصاغ المسرحيات التي تحمل "بروبغندا" معينة يتم حشو عقول الدهماء بها لترديدها كالببغاء على المستمعين وذلك من أجل تنفيذ مخطط ما ضد جماعات سياسية معينة، ومن أجل ذلك يتم استبدال المخرج بمخبر، ومعد البرنامج بضابط أمن، وأصبحت استديوهات الإذاعات العربية أشبه بأقبية وزنزانات أمن الدولة! فأين الابداع في ظل تعليمات الوزراء ومديري الإذاعات العربية وتعليمات المخابرات؟ ماذا يستطيع أن يضيفه المعد والمقدم من لمسات فنية وإبداعية راقية للجمهور في ظل كومة التعليمات والقرارات وتوجيه البوليس السياسي.
عطني إذنك...
يحكى أن أحد أفراد البوليس السياسي حينما داهم منزل أحد السياسيين ولم يعثر على ضالته المنشودة، منشور أو ورقة تدين هذا الرجل السياسي، وخاب فأله في ضبط اعصابه فأدار وجهه للرجل السياسي قائلا له: "خلنا على بالك ترى مخبر على راسك".
ليت المسئولين يقومون بتعليق هذه العبارة في مكاتبهم ويسترشدون بها: "لا نريد لشعبنا أن يتسم بصفة شعب السمع والطاعة فقط، بل إن المطالب، هي تقوية للنظام، ومشاركة فاعلة تسير بالوطن إلى الأمام". هكذا يريد جلالة الملك شعب البحرين... وهكذا نريد أن نحيا في هذا الوطن
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1077 - الأربعاء 17 أغسطس 2005م الموافق 12 رجب 1426هـ