العدد 1074 - الأحد 14 أغسطس 2005م الموافق 09 رجب 1426هـ

الإسكان قبل الأكفان

ناجي جمعة comments [at] alwasatnews.com

-

تعتبر البحرين من أعلى دول العالم من حيث الكثافة السكانية التي تعني عدد السكان موزعين على المساحة، ويقدر عدد السكان بنحو 700 ألف نسمة موزعين على مساحة لا تتجاوز 700 كيلومتر مربع بعد ردم البحر، وهذا يعني أن كل مئة ألف لهم مئة كيلومتر، وهذا غير حاصل طبعا لأن 60 في المئة من مساحة البحرين غير مأهولة، وهذا يعني تكدس مئات الآلاف في رقعة لا تتجاوز مئتي كيلومتر مربع. مضافا إلى ذلك أن نسبة الخصوبة بين البحرينيين مرتفعة جدا، وما زاد الطين بلة الأعداد الكبيرة من المجنسين وخصوصا أن البحرين شرعت قانون ازدواجية الجنسية الذي يسمح لغير البحرينيين الحصول على الجنسية البحرينية مع الاحتفاظ بجنسيتهم الأم. يا ترى أين سيسكن كل هؤلاء المجاميع البشرية الغفيرة؟! وهل تكفي المساحة المتاحة لكل هذه الأعداد الهائلة؟! إن المشكلة الإسكانية لا تخص طائفة محددة بل تشمل جميع المواطنين بكل فئاتهم حتى المجنسين الجدد، لكم أن تتخيلوا عدد البحرينيين بعد عشرة أعوام كم سيكون عددهم؟ ولا غرابة أن عدد الطلبات الإسكانية يتراوح ما بين 38 إلى 40 ألف طلب موزع بين وحدة سكنية وأرض وقرض للبناء، وهناك طلبات مازالت تبحث عن حلول لمشكلتها منذ 14 سنة أي من العام 1991م، وبعضهم أنجب وله من الأبناء الذين أوشكوا على التخرج في الثانوية ولم يستفد من الخدمة الإسكانية حتى الآن، والبعض الآخر فارق الحياة وهو ينتظر الحصول على مشروع إسكاني. إن المشروعات الإسكانية في المحرق والمنامة والمنطقة الشمالية والوسطى عموما لا تلبي حتى الحد الأدنى مما هو مطلوب، ولا ننسى أن هذه المشكلة متفاقمة، فطالما هناك إنسان يعني ذلك أن هناك إنجابا وبالتالي يحتاج المواليد إلى بيت يضمهم ويحميهم، ومع شحة الأراضي وارتفاع أسعارها بشكل خيالي، وتحديد نسبة القروض للمنتفعين من المصارف بـ 20 راتبا فقط مع تدني الأجور ما يجعل الوضع متأزما جدا، والغريب في الأمر أن بعض المتنفذين يريدون الاستيلاء على البقية الباقية من الأراضي ويحسبون أنهم يعيشون في الصحراء الكبرى، لا يكفي لحل المشكلة الإسكانية البناء العمودي وتخصيص شقق كبيرة وواسعة بدل الوحدات الإسكانية للمنتفعين، ولابد من الاعتراف بحجم المشكلة وإيقاف التجنيس العشوائي فورا، والا ستضطر الحكومة لتأجير أراض في دول أخرى من أجل تسكين شعبها! والاعتصامات المتكررة لطالبي الإسكان تشير إلى أن المشكلة الإسكانية وصلت ذروتها، يا ترى إلى أين نحن نسير؟ فأزمة العاطلين والأزمة الإسكانية والأزمة السياسية بعد رفض الجمعيات التسع لقانون الجمعيات السياسية تتصاعد بشكل متسارع ما ينذر بانفجار الأوضاع وعودتنا من دون قيد أو شرط إلى المربع الأول الذي بالكاد خرجنا منه توا. الآباء صاروا يفكرون في مصير أبنائهم الغامض واختفت الفرحة والابتسامة من وجوههم، وهناك من يهون من حدة الأزمة الإسكانية ويعتبرها أمرا عاديا يحدث في كل الدول، ونسوا أن البحرين تعتبر من اصغر دول العالم مساحة، والمسألة بالنسبة إليها مختلفة كليا عن مثيلاتها من دول الخليج العربي وسائر دول العالم، وبالتالي نحتاج إلى خطة محكمة تراعي هذه الخصوصية في وضع الخطط التي من شأنها الحد من خطورة الأوضاع القائمة والبحث عن حلول حقيقية لها، ومنها على سبيل المثال استرجاع الأراضي التي استحوذ عليها المتنفذون من دون وجه حق، وزيادة موازنة وزارة الإسكان، وتوفير الإعانة الإسكانية لأصحاب الدخل المحدود لحين الحصول على المشروع الإسكاني ويجب استغلال الأوضاع الحالية في ارتفاع سعر برميل النفط إلى أسعار خيالية في دفع عجلة التنمية والإنتاج وحل المشكلات القائمة كالمشكلة الإسكانية ومشكلة العاطلين عن العمل وغيرها من المشكلات قبل أن نرتدي الأكفان ونعود إلى حفرتنا التي قدر الله أن تكون لنا سكنا دائما.

*كاتب بحريني

العدد 1074 - الأحد 14 أغسطس 2005م الموافق 09 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً