المراقب لأرباح المصارف في المملكة وبقية دول الخليج العربية يرى بوضوح كيف أن أرباح هذه المصارف في نمو متواصل وخصوصا في العامين الماضيين وينتظر أن يكون العام الحالي أفضل كذلك من حيث الأرباح الصافية، وهذا يعكس النمو الاقتصادي المتنامي في المنطقة والازدهار الناتج عن صعود السلعة الرئيسية المنتجة في هذه الدول وهي النفط إلى مستويات قياسية لم تشهدها من قبل، وانعكس ذلك على الأسواق المالية والعقارات التي قفزت إلى مستويات قياسية، كذلك ما يبشر بالخير لهذه المنطقة التي عانت من عجز في موازنتها في السنوات الماضية معظمه بسبب تدهور أسعار النفط. ويبدو أن المصارف أو بالأحرى معظم المصارف تعيش أياما سعيدة تزيد من استثمارات المستثمرين، بينما تقصم ظهور الفقراء والمساكين المعتمدين على القروض المصرفية في وقت تزداد فيه الحاجة إلى تغطية المصروفات اليومية للعائلات ويبدو أن "البونس" الذي سيتم صرفه لموظفي الدولة "الأفضل موظفي الحكومة لأن موظفي الدولة في القطاع الخاص لا يشملهم القرار" من مدنيين وعسكريين سيذهب معظمه إلى خزائن المصارف. غير أن الملاحظ أن ليس جميع المصارف وخصوصا بعض المصارف الإسلامية التي عانت من ضعف أرباحها لعدة سنوات ويبدو أن الكبير يأكل الصغير في هذا الوقت من دون رحمة، وعلى المصارف الإسلامية الصغيرة البحث عن أسباب عدم تجاوز أرباحها آحاد الأرقام، بينما تتمتع بقية المصارف بأرقام تفوق عشرات المرات بعض المصارف الإسلامية. طبعا هناك خلل ما يجب تصحيحه، ولكن أين مواقع هذا الخلل أو من المتسبب فالله أعلم. الكل يعرف أن مصرفا إسلاميا واحدا على الأقل بدأ للتو في استثمار أمواله والحصول على أرباح صافية بعد سنوات عجاف لم تتجاوز أرباحه آلاف الدنانير على رغم أنه من المصارف الأولى التي تمت إقامتها في المملكة، بينما نرى مثلا بيت التمويل الخليجي يشق طريقه نحو العلى في سنوات قليلة. فهل الاستراتيجية المتبعة أم أهل الاستراتيجية هم المسئولون؟
وعلى رغم تراجع سعر الدولار في الآونة الأخيرة مقابل العملات الرئيسية والذي يفقد دخل هذه الدول نحو الثلث إلا أن ذلك لم يؤثر على نمو الاقتصاد في دول المنطقة بسبب صعود أسعار النفط إلى 60 دولارا للبرميل الواحد ولأن العملة الأميركية هي أقوى عملة في العالم جاءت من أقوى اقتصاد عالمي فإن انخفاض الدولار لا يستمر كثيرا إذ استعاد جزءا كبيرا من خسائره أمام العملات الرئيسية الأخرى، ومن المتوقع أن يستمر الدولار في تربع عرشه وأن يستمر صعود أسعار النفط وبالتالي استمرار الأزدهار الاقتصادي وتزايد أرباح المصارف. فهل لنا أن نهلل لهذا النمو المتواصل في أرباح المصارف أم نعزي أنفسنا بالنمو المتواصل في الديون المتراكمة علينا؟
العدد 1056 - الأربعاء 27 يوليو 2005م الموافق 20 جمادى الآخرة 1426هـ