العدد 1055 - الثلثاء 26 يوليو 2005م الموافق 19 جمادى الآخرة 1426هـ

صندوق دعم الطالب... ما له وما عليه

حسين راشد الصباغ comments [at] alwasatnews.com

رفضت جامعة البحرين حديثا مشروعا تقدم به مجلس الطلبة، وفكرة المشروع تأسيس صندوق دعم مالي للطلبة الجامعيين لمساعدة الفقراء والمحتاجين منهم. وقبل أن ندخل في تحليل أسباب هذا الرفض المستغرب لهذا المشروع الإنساني لابد لنا من قراءة السيرة التاريخية التي عاشتها تلك الفئة من المواطنين محدودي الدخل في جامعة البحرين. فجامعة البحرين هي الجامعة الوطنية الوحيدة في البلاد، تأسست العام ،1986 وفي تلك الفترة لم يكن أبناء المناطق المهمشة وخصوصا الفقراء والبسطاء منهم من ممتهني الصيد أو الزراعة أو النجارة أو الجزافة أو الحدادة أو الصباغة وما شابه من تلك الوظائف والمهن محدودة الدخل، والمحدودة من ناحية فرص الفرد في التطور... هذه الأسر البسيطة لم تكن تدرك جيدا أهمية الدراسة الجامعية لأبنائها، وما ستوفره لهم من فرص الانتقال من فئة المعدمين والفقراء إلى الفئات المتوسطة، ما جعلها تدور في حلقتها الوظيفية والاقتصادية المحدودة من دون تطور يذكر.

وفي فترة التسعينات من القرن الماضي، لاحظت هذه الفئات ما طرأ من تطور على أحوال الأسر المتوسطة نتيجة حصول أبنائها على وظائف أرقى نسبيا، فتنبهت إلى أهمية الدراسة ومواصلة التعليم الجامعي، فراحت تبذل كل ما تستطيع لتوفير الدراسة الجامعية لأبنائها. لكن هذا الوعي الجديد وتلك الطموحات الكبيرة قد احترقت أمام صوغ تخصصات "التمويل الذاتي"، وهي التخصصات التي كانت تفتح حديثا في جامعة البحرين وتصبح "موقوفة" على أبناء الأسر الميسورة والمتوسطة من خلال الرسوم شبه الخيالية التي تتطلبها هذه التخصصات، وكأنما معيار القبول في الكثير من التخصصات هو مستوى الطالب المادي وليس قدراته الشخصية والمعرفية. وقد كانت تلك التخصصات تكلف الطالب ما متوسطه 1400 دينار سنويا، بما يشعر أبناء الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل أن الجامعة الوطنية لم تنشأ لأجلهم ولا محل لهم فيها. ومع الألفية الجديدة جاءت السياسة الاصلاحية الداعية إلى تخفض الرسوم الدراسية لجميع الطلبة وفي مختلف التخصصات، فكانت متنفسا بعد طول اختناق عاشته الأسر الفقيرة والمحدودة الدخل.

مجلس الطلبة وبطبيعة موقعه القريب من الطلبة بمختلف شرائحهم لامس ظروف هذه الفئات، فوجد انه مع الوقت، اتسعت الفجوة التي تفصلها عن فئة متوسطي الدخل وفئة الأغنياء، وتبين كيف أن الكثير من هذه الفئات والشرائح المنسية يتسربون من الدراسة الجامعية لأسباب مادية مباشرة أحيانا، أو لاستعجالهم خوض غمار العمل والخلاص من معيشة الكفاف أحيانا أخرى. فكانت نتيجة ذلك أن دعا مجلس الطلبة مرارا إلى توسيع مساحة إعفاء الطلبة من الرسوم الدراسية، ولكن الإدارة الجامعية إزاء ذلك كانت تتعذر دائما بمحدودية الموازنة، ما دعا النشطاء الطلابيين إلى البحث والتفكير في حلول أخرى، وأنتج ذلك البحث مشروع "صندوق دعم الطالب".

الصندوق الذي دعا إلى إيجاده مجلس الطلبة لم يكن بدعة، ولا يمكن القول انه لا يتناسب مع الحياة المدنية في البحرين، فلقد كان هذا الصندوق موجودا فعلا في الحقبة السابقة، وكان يتبع المؤسسة العامة للشباب والرياضة، إذ كان يتلقى دعما كبيرا من مختلف مؤسسات القطاع الخاص، إلا أن الأقاويل والشائعات الكبيرة عن الفساد الإداري والمالي المحيطة بهذا الصندوق قد فرضت على المسئولين في المؤسسة إغلاقه. وهنا يتضح ان مجلس الطلبة انما يدعو إلى إعادة صندوق تلاعبت به أيد غير أمينة في الحقبة الماضية.

أما الدعوة إلى تبعيته إلى الجامعة مباشرة، فذلك لأسباب كثيرة أهمها توافر بيانات الطلبة الدقيقة لدى الجامعة بما يمكن من تحديد الفئة المحتاجة للمساعدة المادية بشكل صادق ودقيق. أما حديث بعض المسئولين عن أن فكرة صندوق دعم الطالب جميلة وصادقة ولكن مجلس الطلبة الذي صاغها غير مستوف على الرؤية الكلية التي يتبعها مجلس أمناء الجامعة ضمن خطة تطويرية مستمرة، فنقول ان هذا الاشكال يثير لدينا أسباب عدم إيضاح مجلس الأمناء لخططه المستقبلية لمجلس الطلبة، مع كونه أعلى تمثيل طلابي في جامعة البحرين. ثم لماذا لا تؤسس لجنة مشتركة بين ممثلين عن شعبة الاعفاءات بدائرة التنمية وممثلين عن مجلس الطلبة لتتدراس هذه اللجنة مشروع صندوق دعم الطالب وتضع التعديلات اللازمة عليه ضمن رؤية شمولية ناضجة تتجاوز الإشكالات الفنية التي رفضت على أساسها الجامعة هذا المشروع على حد قولها

إقرأ أيضا لـ "حسين راشد الصباغ"

العدد 1055 - الثلثاء 26 يوليو 2005م الموافق 19 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً