يردد أعضاء مجلس الشورى في كل مناسبة يدافعون فيها عن أنفسهم بأنهم ليسوا بصامين وأنهم أسياد قراراتهم، وأنهم ينظرون إلى القضايا المطروحة عليهم بموضوعية ويأخذون فيها القرار المناسب بما تمليه عليهم قناعاتهم.
عندما كنت أتابع جلسة الشورى أمس، والتي ناقش فيها المجلس قانون الجمعيات السياسية، لم أكد أصدق أنني على شرفة مجلس الشورى، إذ ألقى بعضهم خطبا نارية يكاد الشرر والجمر يتطاير من بين حروف تلك الخطب، حتى اقتنعت تماما بأن قانون الجمعيات لا يمكن أن يمر، إذ ان غالبية المتحدثين كانوا ينادون بالتأجيل وهم يقولون نحن لسنا بصامين، ويجب ألا نستعجل في إقرار القانون، كان الحال كذلك إلى أن رفع رئيس المجلس الجلسة للاستراحة.
أثناء الاستراحة كنت أتبادل الأحاديث مع أعضاء مجلس الشورى، وكنت أسأل كلا عن توقعه للنتيجة، هل سيمر القانون أم يؤجل؟ فكان جواب جميع من سألتهم: "القانون سيمر"!
بدأ الشطر الثاني من الجلسة، وفي بدايتها صوت المجلس على مناقشة القانون فوافق الجميع على ذلك، إلا ثلاثة أعضاء لم يرفضوا المناقشة وإنما امتنعوا فقط!
كان مجلس الشورى بيده أن ينفي تهمة "البصمة" عنه لو أجل قانون الجمعيات السياسية إلى دور الانعقاد المقبل، وكان بيده أن يثبت أنه أكثر موضوعية من مجلس النواب الذي أقر القانون قبله، إلا أنه لم يستطع أن يخرج من تلك الدائرة.
تجربة أمس أكدت أن مداخلات مجلس الشورى لا تحدث تغييرا في القرار الذي سيصوت عليه، فحتى لو سمعت خطبة نارية يتطاير الزيت والشرر منها، فلا يمكن التوقع أن ذلك سيغير من القرار، لأن لوحة التصويت هي الحقيقة التي تعكس قناعات المجلس، والعزاء في ذلك أن أعضاء الشورى يعلمون ذلك جيدا، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1049 - الأربعاء 20 يوليو 2005م الموافق 13 جمادى الآخرة 1426هـ